للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ الْأَصْلَابَ لِإِسْقَاطِ اعْتِبَارِ التَّبَنِّي لَا لِإِحْلَالِ حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ

(وَلَا بِأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا بِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ وَلِقَوْلِهِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ».

(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ نِكَاحًا وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ وَطْئًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ﴾ وَلِقَوْلِهِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ».

وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ، وَهُوَ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي أَعَمِّ مِنْ الْحِلِّ وَالْحَلِّ، ثُمَّ يُرَادُ مِنْ الْأَبْنَاءِ الْفُرُوعُ فَتَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ السَّافِلِ عَلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى مِنْ النَّسَبِ، وَكَمَا تَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ النَّسَبِ تَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ.

وَذَكَرَ الْأَصْلَابَ فِي الْآيَةِ لِإِسْقَاطِ حَلِيلَةِ الْمُتَبَنَّى. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ أَنَّ ذِكْرَ الْأَصْلَابِ لِإِحْلَالِ حَلِيلَةِ الْمُتَبَنَّى لَا لِإِحْلَالِ حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ كَمَذْهَبِنَا فَلَا خِلَافَ

(قَوْلُهُ وَلَا بِأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ) وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ، حَتَّى لَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا حَرُمَ عَلَيْهِ زَوْجَةُ زَوْجِ الظِّئْرِ الَّذِي نَزَلَ لَبَنُهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا امْرَأَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ الظِّئْرِ امْرَأَةُ هَذَا الصَّبِيِّ لِأَنَّهَا امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَسَنَسْتَوْفِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ نِكَاحًا) أَيْ عَقْدًا (وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ وَطْئًا) وَهَذَانِ تَمْيِيزَانِ لِنِسْبَةٍ إضَافِيَّةٍ، وَالْأَصْلُ بَيْنَ نِكَاحِ أُخْتَيْنِ وَوَطْئِهِمَا مَمْلُوكَتَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا أُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعَةِ حَتَّى قُلْنَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ رَضِيعَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَفْسُدُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ الْمَذْكُورَ أَوَّلَ الْآيَةِ أُضِيفَ بِوَاسِطَةِ الْعَطْفِ إلَى الْجَمْعِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عَقْدًا أَوْ وَطْئًا. وَعَنْ عُثْمَانَ إبَاحَةُ وَطْءِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ قَالَ: لِأَنَّهُمَا أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ أُخْرَى وَهُمَا هَذِهِ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ فَرَجَحَ الْحِلُّ.

قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ عُثْمَانَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَالْإِجْمَاعُ اللَّاحِقُ يَرْفَعُ الْخِلَافَ السَّابِقَ وَإِنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ أَهْلِ الظَّاهِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>