للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ وَلَا بِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَأَجْدَادِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾

(وَلَا بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَبَنِي أَوْلَادِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ﴾

﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ فَحَيْثُ خَصَّهُ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ بِالذِّكْرِ عَلِمْنَا أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي إضَافَةِ الْحُرْمَةِ، وَإِلَّا لَقِيلَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَلَسْنَ فِي حُجُورِكُمْ، أَوْ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ أَوْ لَسْنَ فِي حُجُورِكُمْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ فِي إضَافَةِ نَفْيِ الْحُكْمِ إلَى نَفْيِ تَمَامِ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ أَوْ أَحَدِ جُزْأَيْهَا الدَّائِرِ وَإِنْ صَحَّ إضَافَتُهُ إلَى نَفْيِ جُزْئِهَا الْمُعَيَّنِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَمِرِّ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ.

هَذَا وَيَدْخُلُ فِي الْحُرْمَةِ بَنَاتُ الرَّبِيبَةِ وَالرَّبِيبِ وَإِنْ سَفَلَ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُنَّ، بِخِلَافِ حَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ وَالْآبَاءِ لِأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ فَلِذَا جَازَ التَّزْوِيجُ بِأُمِّ زَوْجَةِ الِابْنِ وَبِنْتِهَا، وَجَازَ لِلِابْنِ التَّزَوُّجُ بِأُمِّ زَوْجَةِ الْأَبِ وَبِنْتِهَا

(قَوْلُهُ وَلَا بِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَأَجْدَادِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ اعْلَمْ أَنَّ امْرَأَةَ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ اسْتَدَلَّ بِهَا الْمَشَايِخُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَغَيْرُهُ عَلَى ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا بِنَاءً عَلَى إرَادَةِ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ أُرِيدَ مِنْ حُرْمَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَا يُطَابِقُهَا مِنْ إرَادَةِ الْوَطْءِ قَصْرٌ عَنْ إفَادَةِ تَمَامِ الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا بِامْرَأَةِ أَبِيهِ، وَتَصْدُقُ امْرَأَةُ الْأَبِ بِعَقْدِهِ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى اعْتِبَارِ لَفْظِ النِّكَاحِ فِي نِكَاحِ الْآبَاءِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَعُمُّ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ، وَلَك النَّظَرُ فِي تَعْيِينِهِ، وَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ يُوجِبُ اعْتِبَارَهَا فِي الْمَجَازِيِّ، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِالْآيَةِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِلَا وَطْءٍ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْحُرْمَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَفْظُ الدَّلِيلِ صَالِحٌ لَهُ كَانَ مُرَادًا مِنْهُ بِلَا شُبْهَةٍ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ تَابِعٌ لِلنَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ عَنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ، وَلَوْ كَانَ عَنْ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ يَخْلُقُ لَهُمْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمِ مُرَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ إذَا احْتَمَلَهُ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ إنْ اُعْتُبِرَ الْحَلِيلَةُ مِنْ حُلُولِ الْفِرَاشِ أَوْ حَلِّ الْإِزَارِ تَنَاوَلَتْ الْمَوْطُوءَةُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ شُبْهَةً أَوْ زِنًا فَيَحْرُمُ الْكُلُّ عَلَى الْآبَاءِ وَهُوَ الْحُكْمُ الثَّابِتُ عِنْدَنَا، كَمَا تَحْرُمُ الْمَزْنِيُّ بِهَا وَمَنْ ذَكَرْنَا لِلْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ، وَلَا تُتَنَاوَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا لِلِابْنِ أَوْ بَنِيهِ وَإِنْ سَفَلُوا قَبْلَ الْوَطْءِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَحْرُمُ عَلَى الْآبَاءِ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ الْحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>