. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تُشْتَهَى، قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ مُشْتَهَاةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَبِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا لَا بِلَا تَفْصِيلٍ، وَبِنْتُ ثَمَانٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ سِتٍّ إنْ كَانَتْ عَبْلَةً كَانَتْ مُشْتَهَاةً وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا يَشْتَرِطُ فِي الذَّكَرِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ ابْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَهَذَا مَا وَعُدْنَاهُ مِنْ قَرِيبٍ. وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالْمَسِّ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا، حَتَّى لَوْ أَيْقَظَ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا فَوَصَلَتْ يَدُهُ إلَى بِنْتِهِ مِنْهَا فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُشْتَهَى يَظُنُّ أَنَّهَا أُمُّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، وَلَك أَنْ تُصَوِّرَهَا مِنْ جَانِبِهَا بِأَنْ أَيْقَظَتْهُ هِيَ كَذَلِكَ فَقَرَصَتْ ابْنَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ بِشَهْوَةٍ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطَ الشَّهْوَةِ حَالَ الْمَسِّ، فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى عَنْ ذَلِكَ الْمَسِّ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَمَا ذَكَرَ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنْ تَنْتَشِرَ الْآلَةُ أَوْ تَزْدَادُ انْتِشَارًا هُوَ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يَشْتَرِطُوا سِوَى أَنْ يَمِيلَ قَلْبَهُ إلَيْهَا وَيَشْتَهِي جِمَاعَهَا، وَفُرِّعَ عَلَيْهِ مَا لَوْ انْتَشَرَ فَطَلَبَ امْرَأَتَهُ فَأَوْلَجَ بَيْنَ فَخْذَيْ بِنْتِهَا خَطَأً لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُمُّ مَا لَمْ يَزْدَدْ الِانْتِشَارُ. ثُمَّ هَذَا الْحَدُّ فِي حَقِّ الشَّابِّ أَمَّا الشَّيْخُ وَالْعِنِّينُ فَحَدُّهَا تَحَرُّكُ قَلْبِهِ أَوْ زِيَادَةُ تَحَرُّكِهِ إنْ كَانَ مُتَحَرِّكًا لَا مُجَرَّدَ مَيَلَانِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ فِيمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ أَصْلًا كَالشَّيْخِ الْفَانِي، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ، حَتَّى لَوْ مَسَّ وَأَقَرَّ أَنَّهُ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ عَلَيْهِ. وَكَانَ ابْنُ مُقَاتِلٍ لَا يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ عَلَى هَذَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا تَحَرُّكُ الْآلَةِ. ثُمَّ وُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَافٍ وَلَمْ يَحُدُّوا الْحَدَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهَا فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ وَأَقَلُّهُ تَحَرُّكُ الْقَلْبِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ الْخَاطِرَ. هَذَا وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِمَسِّهَا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُصَدِّقَهَا أَوْ يَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ صِدْقُهَا. وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسِّهِ إيَّاهَا: لَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَاهُ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمَا صِدْقُهُ.
ثُمَّ رَأَيْت عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَمَالِي مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، قَالَ: امْرَأَةٌ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا وَقَالَتْ كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ، إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ صَدَّقَهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ إنْ تَعَمَّدَ الْفَسَادَ. وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِهَذَا الْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالتَّقْبِيلِ وَأَنْكَرَ الشَّهْوَةَ وَلَمْ يَكُنْ انْتِشَارٌ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ وَالْمُنْتَقَى يُصَدَّقُ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: لَا يُصَدَّقُ لَوْ قَبَّلَهَا عَلَى الْفَمِ. قَالَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ: وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ خَالِي. وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: يُصَدَّقُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ، حَتَّى رَأَيْته أَفْتَى فِي الْمَرْأَةِ إذَا أَخَذَتْ ذَكَرَ الْخَتَنِ فِي الْخُصُومَةِ فَقَالَتْ كَانَ عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ أَنَّهَا تُصَدَّقُ اهـ.
وَلَا إشْكَالَ فِي هَذَا، فَإِنَّ وُقُوعَهُ فِي حَالَةِ الْخُصُومَةِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الشَّهْوَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَبَّلَهَا مُنْتَشِرًا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ الشَّهْوَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالنَّظَرِ وَأَنْكَرَ الشَّهْوَةَ صُدِّقَ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْمُبَاشَرَةِ إذَا قَالَ بِلَا شَهْوَةٍ لَا يُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ فِيمَا أَعْلَمُ، وَفِي التَّقْبِيلِ إذَا أَنْكَرَ الشَّهْوَةَ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قِيلَ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ غَالِبًا فَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ بِالِانْتِشَارِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ يُقْبَلُ، وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدِّ فَيُصَدَّقُ أَوْ عَلَى الْفَمِ فَلَا، وَالْأَرْجَحُ هَذَا إلَّا أَنَّ الْخَدَّ يَتَرَاءَى إلْحَاقُهُ بِالْفَمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute