للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُعْتَبَرُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ الدَّاخِلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ اتِّكَائِهَا، وَلَوْ مَسَّ فَأَنْزَلَ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُهَا لِأَنَّهُ بِالْإِنْزَالِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْضٍ إلَى الْوَطْءِ، وَعَلَى هَذَا إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي الدُّبُرِ.

بِهَا لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ الدَّاخِلِ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: النَّظَرُ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ مُحَرِّمٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشَّقِّ.

وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْفَرْجِ، وَالدَّاخِلُ فَرْجٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْخَارِجُ فَرْجٌ مِنْ وَجْهٍ، وَأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ الْخَارِجِ مُتَعَذِّرٌ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ الثَّانِي وَيَقُولُ فِي الْأَوَّلِ: قَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْغُسْلِ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ مَا إذَا نَقَلَ نَظِيرَهُ إلَى هُنَا كَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ مُوجِبًا لِلْحُرْمَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَارِجِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَنَا أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ الْغُسْلُ مِنْ وَجْهٍ فَالِاحْتِيَاطُ فِي الْإِيجَابِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ مَوْضِعُ الِاحْتِيَاطِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نَفْسَ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ التَّحْرِيمُ بِالْمَسِّ ثُبُوتُهُ بِالِاحْتِيَاطِ فَلَا يَجِبُ الِاحْتِيَاطُ فِي الِاحْتِيَاطِ.

[فُرُوعٌ]

النَّظَرُ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ إلَى الْفَرْجِ مُحَرِّمٌ، بِخِلَافِ النَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ. وَلَوْ كَانَتْ فِي الْمَاءِ فَنَظَرَ فِيهِ فَرَأَى فَرْجَهَا فِيهِ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى الشَّطِّ فَنَظَّرَ فِي الْمَاءِ فَرَأَى فَرْجَهَا لَا يُحَرِّمُ، كَأَنَّ الْعِلَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْئِيَّ فِي الْمِرْآةِ مِثَالُهُ لَا هُوَ، وَبِهَذَا عَلَّلُوا الْحِنْثَ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ فُلَانٍ فَنَظَرَهُ فِي الْمِرْآةِ أَوْ الْمَاءِ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّحْرِيمُ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ بِنَاءً عَلَى نُفُوذِ الْبَصَرِ مِنْهُ فَيَرَى نَفْسَ الْمَرْئِيِّ، بِخِلَافِ الْمِرْآةِ وَالْمَاءِ، وَهَذَا يَنْفِي كَوْنَ الْإِبْصَارِ مِنْ الْمِرْآةِ وَمِنْ الْمَاءِ بِوَاسِطَةِ انْعِكَاسِ الْأَشِعَّةِ وَإِلَّا لَرَآهُ بِعَيْنِهِ بَلْ بِانْطِبَاعٍ مِثْلُ الصُّورَةِ فِيهِمَا، بِخِلَافِ الْمَرْئِيِّ فِي الْمَاءِ لِأَنَّ الْبَصَرَ يَنْفُذُ فِيهِ إذَا كَانَ صَافِيًا فَيَرَى نَفْسَ مَا فِيهِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا اشْتَرَى سَمَكَةً رَآهَا فِي مَاءٍ بِحَيْثُ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِلَا حِيلَةٍ وَتَحْقِيقُ سَبَبِ اخْتِلَافِ الْمَرْئِيِّ فِيهِ فِي فَنٍّ آخَرَ.

ثُمَّ شَرْطُ الْحُرْمَةِ بِالنَّظَرِ أَوْ الْمَسِّ أَنْ لَا يُنْزِلَ، فَإِنْ أَنْزَلَ قَالَ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَغَيْرُهُ: تَثْبُتُ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الْمَسِّ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَالْإِنْزَالُ لَا يُوجِبُ رَفْعَهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ. وَالْمُخْتَارُ لَا تَثْبُتُ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْبَزْدَوِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ مَوْقُوفٌ حَالَ الْمَسِّ إلَى ظُهُورِ عَاقِبَتِهِ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ حَرُمَتْ وَإِلَّا لَا، وَالِاسْتِدْلَالُ وَاضِحٌ فِي الْكِتَابِ إلَّا أَنَّ إقَامَةَ السَّبَبِ إذَا نِيطَ الْحُكْمُ بِالْمُسَبِّبِ، إنَّمَا تَكُونُ لِخَفَاءِ الْمُسَبِّبِ، وَإِلَّا فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِغَيْرِ الْمَنَاطِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَالْأُولَى ادِّعَاءُ كَوْنِ الْمَنَاطِ شَرْعًا نَفْسُ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَحَلِّ الْوَلَدِ بِالنَّظَرِ وَاللَّمْسِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْآثَارَ جَاءَتْ بِالْحُرْمَةِ فِي الْمَسِّ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْغَايَةِ السَّمْعَانِيَّةِ حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا» وَفِي الْحَدِيثِ «مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا» وَعَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ جَرَّدَ جَارِيَةً وَنَظَرَ إلَيْهَا ثُمَّ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُ بَعْضُ بَنِيهِ فَقَالَ: أَمَّا إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَك.

وَهَذَا إنْ تَمَّ كَانَ دَلِيلُ أَبِي يُوسُفَ فِي كَوْنِ النَّظَرِ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ كَافِيًا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>