وَلِهَذَا بَقِيَ الْقَيْدُ، وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ عَلَى إشَارَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَعَلَى عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ يَجِبُ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ زَالَ فِي حَقِّ الْحِلِّ فَيَتَحَقَّقُ الزِّنَا وَلَمْ يَرْتَفِعْ فِي حَقِّ مَا ذَكَرْنَا فَيَصِيرُ جَامِعًا.
لِلزَّوْجِ إذَا أَنْكَرَهُ.
فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ، وَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي عِدَّةِ الثَّلَاثِ لَيْسَ زِنَا مُسْتَعْقَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ رِوَايَةً فِي عَدَمِ الْحَدِّ، وَإِنْ سَلَّمَ كَمَا فِي عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ فَغَايَةُ مَا يُفِيدُ انْقِطَاعُ الْحِلِّ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَدْ قُلْنَا بِهِ عَلَى مَا سَتَسْمَعُهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ أَثَرَ النِّكَاحِ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ وَبِهِ يَقُومُ هُوَ مِنْ وَجْهٍ وَبِهِ تَحْرُمُ الْأُخْتُ مِنْ وَجْهٍ وَبِهِ تَحْرُمُ مُطْلَقًا. وَفِي الْمُجْتَبَى جَوَازُ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ يُؤَدِّي إلَى جَمْعِ مَائِهِ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ لِجَوَازِ الْعُلُوقِ بَعْدَ النِّكَاحِ، وَيَثْبُتُ فِي الْمُعْتَدَّةِ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِالْحَدِيثِ اهـ. يَعْنِي قَوْلَهُ ﷺ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَمِثْلُهُ لَوْ عُلِّقَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ ثُمَّ دَخَلَ بِأُخْتِهَا بَعْدَهُ يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ أَيْضًا.
[فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ]
إذَا أَخْبَرَ الْمُطَلِّقُ عَنْ الْمُطَلَّقَةِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فَإِمَّا تَحْتَمِلُهُ الْمُدَّةُ أَوْ لَا، لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ أُخْتَهَا فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِمَا هُوَ مُحْتَمِلٌ مِنْ إسْقَاطِ سَقْطٍ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ. وَفِي الْأَوَّلِ يَصِحُّ نِكَاحُهُ أُخْتَهَا سَوَاءً سَكَتَتْ الْمُخْبَرُ عَنْهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ أَوْ كَانَتْ غَائِبَةً. وَقَالَ زُفَرُ: إذَا كَذَّبَتْهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ أُخْتَهَا لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ وَقَدْ قَبِلَ تَكْذِيبَهَا حَتَّى اسْتَمَرَّتْ نَفَقَتُهَا وَثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا إذَا أَتَتْ بِهِ. وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالنَّفَقَةِ الْقَوْلُ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ. وَلَنَا أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحْتَمِلٌ فَيَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْحَالِ وَتَكْذِيبُهَا لَا يَنْفَعُ إلَّا فِي حَقِّهَا فَقُلْنَا بِبَقَاءِ النَّفَقَةِ، بِخِلَافِ نِكَاحِ الْأُخْتِ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالنَّفَقَةِ الْحُكْمُ شَرْعًا بِقِيَامِ الْعِدَّةِ وَالْفِرَاشِ كَالْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ فَإِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ بِنَسَبِهِ الْحُكْمَ بِإِسْنَادِ الْعُلُوقِ فَيُتَيَقَّنُ بِكَذِبِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ هُنَا إنْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ وَكَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأُخْرَى.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْأُولَى دُونَ الْأُخْرَى، وَلَكِنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ مَرِيضًا حِينَ قَالَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَكَذَّبَتْهُ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، فَأَمَّا الْبَائِنُ وَهُوَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لِلْأُولَى وَإِنْ لَمْ يُخْبَرْ الزَّوْجُ بِهَا. وَفِي كِتَابِ الطَّلَاقِ لَمَّا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَرِيضِ وَكَانَ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ حَقِّهَا كَمَا فِي نَفَقَتِهَا وَهُنَا وَضْعُهَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِي مَالِهِ فَكَانَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا فِي إبْطَالِ إرْثِهَا. تَوْضِيحُهُ أَنَّ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَخْبَرَ أَنَّ الْوَاقِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute