للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» قَالَ (وَلَا الْوَثَنِيَّاتِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾.

تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ». وَفِي سَنَدِهِ الْوَاقِدِيُّ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» اهـ. وَسَيَأْتِي بَاقِي مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا الْوَثَنِيَّاتِ) وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ، وَيَدْخُلُ فِي عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ عَبَدَةُ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ وَالصُّوَرِ الَّتِي اسْتَحْسَنُوهَا وَالْمُعَطِّلَةُ وَالزَّنَادِقَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِبَاحِيَّةُ.

وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: وَكُلُّ مَذْهَبٍ يَكْفُرُ بِهِ مُعْتَقِدُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْمُشْرِكِ يَتَنَاوَلُهُمْ جَمِيعًا. وَقَالَ الرُّسْتُغْفَنِيُّ: لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالِاعْتِزَالِ وَالْفَضْلِيُّ وَلَا مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، وَمُقْتَضَاهُ مَنْعُ مُنَاكَحَةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَكَذَا، قِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ يَتَزَوَّجُ بِنْتَهمْ وَلَا يُزَوِّجُهُمْ بِنْتَه. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا يُرِيدُ إيمَانَ الْمُوَافَاةِ صَرَّحُوا بِهِ: يَعْنُونَ الَّذِي يَقْبِضُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ نَفْسِهِ بِفِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ اسْتِصْحَابِهِ إلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا﴾ ﴿إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْطًا لَا كَمَا يُقَالُ إنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّبَرُّكِ، وَكَيْفَ كَانَ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ كُفْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَنَا خِلَافُ الْأُولَى، لِأَنَّ تَعْوِيدَ النَّفْسِ بِالْجَزْمِ فِي مِثْلِهِ لِيَصِيرَ مَلَكَةً خَيْرٌ مِنْ إدْخَالِ أَدَاةِ التَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ مُؤْمِنًا عِنْدَ الْمُوَافَاةِ أَوْ لَا.

وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَمُقْتَضَى الْوَجْهِ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِمْ لِأَنَّ الْحَقَّ عَدَمُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَإِنْ وَقَعَ إلْزَامًا فِي الْمَبَاحِثِ، بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَ الْقَوَاطِعَ الْمَعْلُومَةَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ مِثْلُ الْقَائِلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَنَفْيِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَأَقُولُ: وَكَذَا الْقَوْلُ بِالْإِيجَابِ بِالذَّاتِ وَنَفْيِ الِاخْتِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>