للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مَالِكٌ : هُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ نَاسِخُهُ. قُلْنَا: ثَبَتَ النَّسْخُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَابْنُ عَبَّاسٍ صَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ فَتَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ.

وَيُرَادُ مَعْنَاهُ، فَإِذَا قَالَ تَمَتَّعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسْوَةِ فَلَيْسَ مَفْهُومُهُ قُولُوا أَتَمَتَّعُ بِك بَلْ أَوْجِدُوا مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ الْمَشْهُورُ أَنْ يُوجَدَ عَقْدًا عَلَى امْرَأَةٍ لَا يُرَادُ بِهِ مَقَاصِدَ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ الْقَرَارِ لِلْوَلَدِ وَتَرْبِيَتِهِ بَلْ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَنْتَهِي الْعَقْدُ بِانْتِهَائِهَا أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِمَعْنَى بَقَاءِ الْعَقْدِ مَا دُمْت مَعَك إلَى أَنْ أَنْصَرِفَ عَنْك فَلَا عَقْدَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمُتْعَةِ عَقْدٌ مُوَقَّتٌ يَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ الْوَقْتِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا بِمَادَّةِ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُوَقَّتُ أَيْضًا فَيَكُونُ النِّكَاحُ الْمُوَقَّتُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُتْعَةِ وَإِنْ عُقِدَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ وَأُحْضِرَ الشُّهُودُ وَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُفِيدُ التَّوَاضُعَ مَعَ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَلَمْ يُعْرَفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ لَفْظٌ وَاحِدٌ مِمَّنْ بَاشَرَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ بِلَفْظِ تَمَتَّعْت بِك وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ جَائِزٌ) نِسْبَتُهُ إلَى مَالِكٍ غَلَطٌ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ النَّسْخُ) هَذَا مُتَمَسِّكُ مَنْ يَقُولُ بِهَا كَابْنِ عَبَّاسٍ (قُلْنَا قَدْ ثَبَتَ النَّسْخُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، وَلَيْسَتْ الْبَاءُ سَبَبِيَّةً فِيهَا فَإِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ نَاسِخًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَدِّرَ مَحْذُوفٌ: أَيْ بِسَبَبِ الْعِلْمِ بِإِجْمَاعِهِمْ: أَيْ لَمَّا عُرِفَ إجْمَاعُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ عُلِمَ أَنَّهُ نُسِخَ بِدَلِيلِ النَّسْخِ أَوْ هِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ: أَيْ لِمَا ثَبَتَ إجْمَاعُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ عُلِمَ مَعَهُ النَّسْخُ.

وَأَمَّا دَلِيلُ النَّسْخِ بِعَيْنِهِ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ حَرَّمَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ» وَالتَّوْفِيقُ أَنَّهَا نُسِخَتْ مَرَّتَيْنِ. قِيلَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ نُسِخَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>