للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ بَاطِلٌ) مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ.

مَرَّتَيْنِ: الْمُتْعَةُ، وَلُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَالتَّوَجُّهُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي الصَّلَاةِ. وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّاسِخِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبِانْقِضَائِهَا تَنْتَهِي الْإِبَاحَةُ، وَذَلِكَ لِمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْأَصْلِ: بَلَغَنَا «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ أَحَلَّ الْمُتْعَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الدَّهْرِ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ فِيهَا الْعُزُوبَةُ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا». وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ حِينَ صَدَرَتْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلِذَا قَالَ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا. وَهُوَ يُشْبِهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ بِالْمُتْعَةِ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ إلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا فَقَالَتْ: مَا تُعْطِينِي؟ فَقُلْتُ رِدَائِي وَقَالَ صَاحِبِي رِدَائِي، وَكَانَ رِدَاءُ صَاحِبِي أَجْوَدَ مِنْ رِدَائِي وَكُنْتُ أَنَا أَشَبَّ مِنْهُ، فَإِذَا نَظَرَتْ إلَى رِدَاءِ صَاحِبِي أَعْجَبَهَا، وَإِذَا نَظَرَتْ إلَيَّ أَعْجَبْتُهَا، ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ وَرِدَاؤُكَ تَكْفِينِي، فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهِنَّ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا» فَهَذَا مِثْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ أَقَامَتْ ثَلَاثًا لَا أَنَّهَا تَعَلَّقَتْ مُقَيَّدَةً بِالثَّلَاثِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّاسِخِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ «كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ. وَأَمَّا ظَاهِرُ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُعْطِي الْإِجْمَاعَ فَمَا أَخْرَجَهُ الْحَازِمِيُّ بِسَنَدِهِ إلَى جَابِرٍ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إذَا كُنَّا عِنْدَ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي الشَّامَ جَاءَتْ نِسْوَةٌ فَذَكَرْنَا تَمَتُّعَنَا مِنْهُنَّ وَهُنَّ يَظْعَنَّ فِي رِحَالِنَا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ إلَيْهِنَّ وَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةُ؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نِسْوَةٌ تَمَتَّعْنَا مِنْهُنَّ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، وَقَامَ فِينَا خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ، فَتَوَادَعْنَا يَوْمَئِذٍ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَلَمْ نَعُدْ وَلَا نَعُودُ إلَيْهَا أَبَدًا» وَابْنُ عَبَّاسٍ صَحَّ رُجُوعُهُ بَعْدَمَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ إبَاحَتِهَا، فَمَا ذَكَرَ مِنْ رُجُوعِهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ: إنَّك رَجُلٌ تَائِهٍ «إنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ». وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ عَلِيًّا سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ: مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ».

وَهَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي رُجُوعِهِ بَلْ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ لَهُ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ حِينَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إنَّ نَاسًا أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ فَنَادَاهُ فَقَالَ: إنَّك لَجِلْفٌ جَافٌّ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتْ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ فِي عَهْدِ إمَامِ الْمُتَّقِينَ، يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَجَرِّبْ نَفْسَك، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكِ " الْحَدِيثُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، وَلَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ هُوَ الرَّجُلُ الْمُعَرَّضُ بِهِ وَكَانَ قَدْ كَفَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>