للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَحِكَتْ كَالْمُسْتَهْزِئَةِ بِمَا سَمِعَتْ لَا يَكُونُ رِضًا، وَإِذَا بَكَتْ بِلَا صَوْتٍ لَمْ يَكُنْ رَدًّا.

قَالَ (وَإِنْ) (فَعَلَ هَذَا غَيْرُ وَلِيٍّ) يَعْنِي اسْتَأْمَرَ غَيْرُ الْوَلِيِّ (أَوْ وَلِيُّ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ) (لَمْ يَكُنْ رِضًا حَتَّى تَتَكَلَّمَ بِهِ) لِأَنَّ هَذَا السُّكُوتَ لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَمْ يَقَعْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا، وَلَوْ وَقَعَ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالِاكْتِفَاءُ بِمِثْلِهِ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْمَرُ رَسُولَ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْمَارِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ لِتَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ مِنْ رَغْبَتِهَا عَنْهُ

الْحَصْرِ وَهَذِهِ الْمَشْهُورَةُ الْمَحْصُورَةُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ هَذَا) أَيْ الِاسْتِئْذَانَ (غَيْرُ وَلِيٍّ) بِأَنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا (أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِ أَوْلَى مِنْهُ) كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ (لَمْ يَكُنْ) سُكُوتُهَا وَلَا ضَحِكُهَا (رِضًا) بَلْ نُطْقُهَا بِهِ وَهَذَا يَشْمَلُ رَسُولَ الْوَلِيِّ فَأَخْرَجَهُ آخِرًا بِقَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْمَرُ رَسُولَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَيَكُونُ سُكُوتُهَا عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ رِضًا. وَعَنْ الْكَرْخِيِّ: يَكْفِي سُكُوتُهَا وَإِنْ كَانَ اسْتَأْمَرَ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ اسْتِحْيَاءَهَا مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْهُ مَعَ الْوَلِيِّ. قُلْنَا: السُّكُوتُ فِيهِ لَهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ قِلَّةُ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَصَارَ مُحْتَمَلًا عَلَى السَّوَاءِ فَلَمْ يَقَعْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا إلَّا لِلْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِاعْتِبَارِهِ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُزَوِّجُونَ غَالِبًا فَكَانَ اعْتِبَارُهُ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ إذْ لَا يُعْتَبَرُ الْمُحْتَمَلُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ حَاجَةً لِأَنَّهَا لَا تَنْطِقُ، فَلَوْ لَمْ يَكْتَفِ بِالْمُحْتَمَلِ تَعَطَّلَتْ مَصَالِحُهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ أَيْضًا مُحْتَمَلٌ عَلَى السَّوَاءِ. وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ جَنْبَةَ الرِّضَا فِيهِ غَالِبٌ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَمْ يَقَعْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ وَقَعَ كَانَ مُحْتَمَلًا، ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ: وَلَوْ وَقَعَ دَلَالَةً كَانَ مُحْتَمَلًا إنْ أَرَادَ احْتِمَالًا مُسَاوِيًا لَمْ يَصِحَّ جَعْلُهُ دَلَالَةً. وَإِنْ أَرَادَ مَرْجُوحًا كَانَ الرِّضَا مَظْنُونًا فَهُوَ دَلَالَةٌ فَيَكُونُ كَافِيًا مُطْلَقًا لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالَةِ كَوْنِ الْمُسْتَأْمَرِ وَلِيًّا. فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ إطْلَاقُ قَوْلِهِ «إذْنُهَا أَنْ تَسْكُتَ» وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِ الْمُسْتَأْمَرِ وَلِيًّا. قُلْنَا: يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَهِيَ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ لِلْبِكْرِ لَيْسَ إلَّا الْوَلِيُّ بَلْ لَا يَخْلُصُ إلَيْهَا غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْمَارِ) أَيْ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ رِضًا فِي الِاسْتِئْمَارِ (تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ لَهَا) إمَّا بِاسْمِهِ كَأُزَوِّجُكِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ أَوْ فِي ضِمْنِ الْعَامِّ لَا كُلِّ عَامٍّ نَحْوَ مِنْ جِيرَانِي أَوْ بَنِي عَمِّي وَهُمْ مَحْصُورُونَ مَعْرُوفُونَ لَهَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُ كَوْنَ سُكُوتِهَا رِضًا مُعَارِضٌ، بِخِلَافِ: مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ مِنْ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ يَضْعُفُ الظَّنُّ. وَلَوْ زَوَّجَهَا بِحَضْرَتِهَا فَسَكَتَتْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَوْ عَرَفَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ زَوَّجَهَا بِحَضْرَتِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ فَسَكَتَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>