للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ هُوَ الصَّحِيحُ) لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ بِدُونِهِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَسَكَتَتْ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا

لَمْ يَكُنْ رِضًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَهُوَ يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا فِي الصَّغِيرَةِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ) أَيْ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ رِضًا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِاخْتِلَافِ الرَّغْبَةِ بِاخْتِلَافِ الصَّدَاقِ قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صِحَّةٌ بِدُونِهِ. وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْوَافِي أَنَّ الْمُزَوِّجَ إنْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ لَا يُشْتَرَطُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ نَزَلَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَرْبُو عَلَيْهِ، فَإِنْ سَمَّى الْمَهْرَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا اهـ.

وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي تَزْوِيجِهِ الصَّغِيرَةَ بِحُكْمِ الْجَبْرِ، وَالْكَلَامُ فِي الْكَبِيرَةِ الَّتِي وَجَبَتْ مُشَاوَرَتُهُ لَهَا وَالْأَبُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا يَصْدُرُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا إلَّا بِرِضَاهَا، غَيْرَ أَنَّ رِضَاهَا يَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُضْعِفُ ظَنَّ كَوْنِهِ رِضًا. وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنْ لَا يَصِحَّ بِلَا تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ لَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهَا لَا تَرْضَى إلَّا بِالزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِكَمِّيَّةٍ خَاصَّةٍ، فَمَا لَمْ تَعْلَمْ ثُبُوتَهَا لَا تَرْضَى، وَصِحَّةُ الْعَقْدِ بِلَا تَسْمِيَةٍ هُوَ فِيمَا إذَا رَضِيَتْ بِالتَّفْوِيضِ وَقَنَعَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِدَلَالَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى السُّكُوتِ، وَكَوْنُ الظَّاهِرِ مِنْ الْأَبِ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ إلَّا لِمَا يَرْبُو عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي رِضَاهَا بِتَرْكِهِ لِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ فَقَدْ لَا تَخْتَارُ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِي الْبِكْرِ الْكَبِيرَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِيهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّغِيرَةِ، أَمَّا الْكَبِيرَةُ فَنَفَاذُ تَزْوِيجِ الْأَبِ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَاهَا كَالْوَكِيلِ، غَيْرَ أَنَّ سُكُوتَهَا جُعِلَ دَلَالَةً شَرْعًا، فَإِذَا عَارَضَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَسْمِيَةُ النَّاقِصِ صَارَ مُحْتَمِلًا عَلَى السَّوَاءِ لِكَوْنِهِ لِلرِّضَا أَوْ لِخَوْفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِهِ فَلَا يَثْبُتُ الرِّضَا بِهِ، وَفِي غَيْرِهِ لَيْسَ الِاحْتِمَالُ مُتَسَاوِيًا بَلْ الرَّاجِحُ جَنْبَةُ الرِّضَا، فَمَا اكْتَفَى إلَّا بِالْمَظْنُونِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَقَدْ يُقَالُ: سُكُوتُهَا إذًا لَمْ يُسَمِّ لَهَا الْوَلِيُّ مَهْرًا مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ رِضًا وَيَنْفُذُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا تَفْوِيضٌ وَرِضًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِكُلِّ مَهْرٍ، لَكِنْ يُدْفَعُ بِأَنَّ عِلْمَهَا بِأَنَّ سُكُوتَهَا رِضًا مَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ بِكُلِّ مَهْرٍ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يَلْزَمُ عِلْمُهَا. وَفِي التَّجْنِيسِ فِي بَابِ مَا يَكُونُ رِضًا وَإِجَازَةً: إذَا ذَكَرَ الزَّوْجَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ فَسَكَتَتْ، إنْ وَهَبَهَا يَعْنِي إنْ فَوَّضَهَا يَنْفُذُ النِّكَاحُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرٍ مُسَمًّى لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهَا فَتَمَامُ الْعَقْدِ بِالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةُ عَالِمَةٌ بِهِ، وَإِذَا سَمَّى مَهْرًا فَتَمَامُهُ بِهِ أَيْضًا. وَهُوَ فَرْعُ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ رِضًا، وَيَجِبُ كَوْنُ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُقَيَّدًا بِمَا إذَا عَلِمْت بِالتَّفْوِيضِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ زَوَّجَهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّهَا إنْ سَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ بِلَا اسْتِهْزَاءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>