للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا

(وَإِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ) لِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً لِأَنَّ مُصِيبَهَا أَوَّلُ مُصِيبٍ لَهَا وَمِنْهُ الْبَاكُورَةُ وَالْبُكْرَةُ وَلِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي لِعَدَمِ الْمُمَارَسَةِ (وَلَوْ زَالَتْ) بَكَارَتُهَا (بِزِنًا فَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ حَقِيقَةً لِأَنَّ مُصِيبَهَا عَائِدٌ إلَيْهَا وَمِنْهُ الْمَثُوبَةُ وَالْمَثَابَةُ وَالتَّثْوِيبُ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهَا بَكْرًا

تُسْتَأْمَرَ» وَالْأَمْرُ يَكُونُ بِالْقَوْلِ لَا بِغَيْرِهِ، وَمُنِعَ بِمَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا». وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ هُنَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ «وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» وَيُوجَدُ مِثْلُهَا فِي الثَّيِّبِ فَتَجِبُ حَقِيقَتُهُ. وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «وَالثَّيِّبُ يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا» لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَهُوَ النَّظَرُ الثَّانِي، بَلْ إمَّا بِهِ كَنَعَمْ أَوْ رَضِيتُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَنَا أَوْ أَحْسَنْتَ، وَبِالدَّلَالَةِ كَطَلَبِ الْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ أَوْ تَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ وَقَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَالضَّحِكِ سُرُورًا لَا اسْتِهْزَاءً، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ سِوَى أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ رِضًا، بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لَا بُدَّ فِي حَقِّهَا مِنْ دَلَالَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مُجَرَّدِ السُّكُوتِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، إلَّا التَّمْكِينَ فَيَثْبُتُ بِدَلَالَةِ نَصِّ إلْزَامِ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا إلَخْ) أَيْ إذَا زَالَتْ بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ وَهُوَ أَنْ تَصِيرَ عَانِسًا: أَيْ نَصَفًا لَمْ تَتَزَوَّجْ، أَوْ خَرْقَ اسْتِنْجَاءٍ أَوْ عُودٍ أَوْ حِمْلٍ ثَقِيلٍ تُزَوَّجُ كَالْأَبْكَارِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إذَا فَارَقَهَا الزَّوْجُ لِجَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ حُكْمَ الْخَلْوَةِ وَالدُّخُولِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ يُصِبْهَا مُصِيبٌ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَبْكَارِ بَنِي فُلَانٍ دَخَلَتْ هَذِهِ وَمَنَعَ بِالْجَارِيَةِ تُبَاعُ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ حَيْثُ تُرَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>