خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ رَسُولًا لَا يُشْتَرَطُ إجْمَاعًا وَلَهُ نَظَائِرُ
(وَلَوْ اسْتَأْذَنَ الثَّيِّبَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ) لِقَوْلِهِ ﷺ «الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ» وَلِأَنَّ النُّطْقَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا مِنْهَا وَقَلَّ الْحَيَاءُ بِالْمُمَارَسَةِ
يَخْطُبُونَك: أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُ فَزَوَّجَهَا مِنْ الْأَوَّلِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا إلَّا بِإِجَازَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ كَلَامِهِ إذَا رَغِبْت عَنْ فُلَانٍ فَإِنَّ أَقْوَامًا آخَرِينَ يَخْطُبُونَك فَلَا يَنْصَرِفُ رِضَاهَا الْآنَ إلَى مَا يَعُمُّ الْأَوَّلَ، وَهَذَا كَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ إنِّي كَرِهْت فُلَانَةَ فَطَلَّقْتهَا فَزَوِّجْنِي بِامْرَأَةٍ تَرْضَاهَا فَزَوَّجَهُ الْمُطَلَّقَةَ لَا يَصِحُّ. وَكَذَا إذَا بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى لَهُ الْأَوَّلَ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ زَوَّجَهَا فَبَلَغَهَا فَقَالَتْ لَا أُرِيدُ النِّكَاحَ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهَا غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ قَبْلَ الْعَقْدِ رَدٌّ، وَبَعْدَهُ إذْنٌ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ وَلَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ بِالشَّكِّ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ. وَقَوْلُهَا ذَلِكَ إلَيْك إذْنٌ، وَقَوْلُهَا أَنْت أَعْلَمُ لَيْسَ بِإِذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيبُ قَوْلِهَا أَوْ يُقَارِبُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ " توبه دان " وَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا فَقَالَتْهُ لَا يَكُونُ إذْنًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ لِلتَّعْرِيضِ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ. وَحَقِيقَةُ توبه دان أَنْت بِالْمَصْلَحَةِ أَخْبَرُ أَوْ بِالْأَحْسَنِ أَعْلَمُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا ذَلِكَ إلَيْك فَإِنَّهُ إذْنٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُذْكَرُ لِلتَّوْكِيلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ: غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مُشْكِلَةٌ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ قَوْلِهِ لَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتِمُّ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَهِيَ بَعْدَ الْإِذْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ نَظَائِرُ) كَإِخْبَارِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْحَجْرِ وَالْمَوْلَى بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ لِيَكُونَ بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ وَالشَّفِيعُ يَبِيعُ مَا يَشْفَعُ فِيهِ وَبِفَسْخِ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَوُجُوبِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ رَسُولًا لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقًا وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُرْسِلِ فَإِخْبَارُهُ كَإِخْبَارِهِ، وَإِنْ كَانَ فُضُولِيًّا فَعَلَى الْخِلَافِ عِنْدَهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ الْعَدَدُ أَوْ عَدَالَةُ الْوَاحِدِ، فَلَوْ أَخْبَرَ غَيْرُ الْمُهَاجِرِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ إلَّا بِاثْنَيْنِ أَوْ عَدَالَةِ الْوَاحِدِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا اسْتَأْذَنَ الثَّيِّبَ) أَيْ الْكَبِيرَةَ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا اسْتِئْذَانَ فِي حَقِّهَا أَصْلًا كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ (فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ لِقَوْلِهِ ﷺ «الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ») وَلَا تَكُونُ الْمُشَاوَرَةُ إلَّا بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبُ الرَّأْيِ، ثُمَّ هِيَ مُفَاعَلَةٌ فَتَقْتَضِي وُجُودَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْحُكْمِ وَالدَّلِيلِ نَظَرٌ. أَمَّا الدَّلِيلُ فَلِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى لُزُومِ الْقَوْلِ. سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ طَلَبُ الرَّأْيِ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إفَادَةِ الرَّأْيِ فِعْلُ اللِّسَانِ بَلْ قَدْ يُفَادُ بِغَيْرِهِ وَلُزُومُ الْقَوْلِ فِي حَقِّ الطَّالِبِ ضَرُورِيٌّ لَا مَفْهُومُ اللُّغَةِ، وَحِينَئِذٍ فَكَوْنُ الْمُشَاوَرَةِ تَسْتَدْعِي جَوَابًا بِاللَّفْظِ مَمْنُوعٌ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ ﷺ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute