للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا، (وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تَعْلَمَ فَتَسْكُتَ) شَرَطَ الْعِلْمَ بِأَصْلِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِهِ، وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِهِ فَعُذِرَتْ بِالْجَهْلِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَالدَّارُ دَارُ الْعِلْمِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ، بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَتِهَا فَتُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ

(ثُمَّ خِيَارُ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ، وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ)

الْأَقْوَى لِغَرَضِ رَفْعِ الْأَدْنَى. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وَجَبَ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ رَفْعُ الْمَتْبُوعِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ بِوَاسِطَةِ اقْتِضَائِهِ مَلْزُومَهُ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا وَهُوَ النَّصُّ، فَالْوَجْهُ فِي السُّؤَالِ طَلَبُ حِكْمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ضَرَرَ الزَّوْجِ فَلِمَ رُجِّحَ دَفْعُ ضَرَرِهَا عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهَا يُبْطِلُ حَقًّا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَهُوَ بِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ مُشْتَرَكٍ لَهُ وَلَهَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا عَلَيْهَا فَدَفْعُهَا أَوْلَى وَلِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَذَا الضَّرَرِ حَيْثُ تَزَوَّجَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ خِيَارِ الْعِتْقِ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ فَتُعْذَرُ) أَيْ الْأَمَةُ الْمُعْتَقَةُ (بِالْجَهْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ) لَهَا إذْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالْخِدْمَةِ الْوَاجِبَةِ الشَّاغِلَةِ لَهَا عَنْ التَّعَلُّمِ، بِخِلَافِ الْحُرَّةِ لَا تُعْذَرُ بِهِ لِانْتِفَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِّهَا

(قَوْلُهُ ثُمَّ خِيَارُ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا قَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا لِبَيَانِ أَنَّ كَوْنَ سُكُوتِهَا رِضًا فِيمَا تَقَدَّمَ هُوَ إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَإِنَّ الْعِبَارَةَ هُنَاكَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيُمَهِّدْ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْغُلَامِ وَالثَّيِّبِ حَيْثُ قَالَ (وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيتُ أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا) كَالْوَطْءِ وَدَفْعِ الْمَهْرِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُ دَفْعِ الْمَهْرِ رِضًا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، أَمَّا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ دَفْعُ الْمَهْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رِضًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، أَقَامَ أَوْ فَسَخَ (وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ) يَعْنِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالسُّكُوتِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا لَمْ تَقُلْ رَضِيت، أَوْ يَجِيءُ مِنْهَا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا كَالتَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ وَطَلَبِ الْمَهْرِ وَالْوَاجِبِ (اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ ثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ (بِحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ) فَكَمَا لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا لَوْ زُوِّجَتْ ثَيِّبًا بَالِغَةً لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا حَالَةَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَهِيَ ثَيِّبٌ بَالِغَةٌ، وَلَوْ زُوِّجَتْ بِكْرًا بَالِغَةً اُكْتُفِيَ بِسُكُوتِهَا فَكَذَا إذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ الْعِلْمُ بِالنِّكَاحِ وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ خِيَارُ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ خِيَارَ الثَّيِّبِ لَا يَبْطُلُ بِهِ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الثَّيِّبِ صَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ لِيُفِيدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>