للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ لِأَنَّهُ مَا ثَبَتَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِ

(قَوْلُهُ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) بَلْ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ سُكُوتِهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ بُلُوغِهَا بِأَنْ حَاضَتْ فِي مَجْلِسٍ وَقَدْ كَانَ بَلَغَهَا النِّكَاحُ، أَوْ مَجْلِسِ بُلُوغِ خَبَرِ النِّكَاحِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا بَالِغَةً، وَجَعَلَ الْخَصَّافُ خِيَارَ الْبِكْرِ مُمْتَدًّا إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَالَ هُوَ إلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّ فِيهِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهَا فِي السَّاعَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا بَالِغَةً إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِالنِّكَاحِ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُبَ مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَإِنْ رَأَتْهُ لَيْلًا تَطْلُبُ بِلِسَانِهَا فَتَقُولُ فَسَخْت نِكَاحِي وَتُشْهِدُ إذَا أَصْبَحَتْ وَتَقُولُ رَأَيْت الدَّمَ الْآنَ. وَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ وَهُوَ كَذِبٌ، وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْ قَبْلَ هَذَا؟ فَقَالَ لَا تُصَدَّقُ فِي الْإِسْنَادِ فَجَازَ لَهَا أَنْ تَكْذِبَ كَيْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهَا، ثُمَّ إذَا اخْتَارَتْ وَأَشْهَدَتْ وَلَمْ تَتَقَدَّمْ إلَى الْقَاضِي الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ. وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ بَعَثَتْ خَادِمَهَا حِينَ حَاضَتْ لِلشُّهُودِ فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِمْ وَهِيَ فِي مَكَان مُنْقَطِعٍ لَزِمَهَا وَلَمْ تُعْذَرْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَفْسَخْ بِلِسَانِهَا حَتَّى فَعَلَتْ. وَمَا قِيلَ لَوْ سَأَلَتْ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ الْمَهْرِ أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ بَطَلَ خِيَارُهَا تَعَسُّفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

وَغَايَةُ الْأَمْرِ كَوْنُ هَذِهِ الْحَالَةِ كَحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَلَوْ سَأَلَتْ الْبِكْرُ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا، وَكَذَا عَنْ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ ذِكْرِهِ لَا يُبْطِلُ كَوْنَ سُكُوتِهَا رِضًا عَلَى الْخِلَافِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَسْأَلْ عَنْهُ لِظُهُورِ أَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِكُلِّ مَهْرٍ، وَالسُّؤَالُ يُفِيدُ نَفْيَ ظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهَا يَتَوَقَّفُ رِضَاهَا عَلَى مَعْرِفَةِ كَمَيِّتِهِ، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْقَادِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، كَيْفَ وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ لِغَرَضِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةِ تَقُولُ أَطْلُبُ الْحَقَّيْنِ ثُمَّ تَبْدَأُ فِي التَّفْسِيرِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ، وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ بَلَغَتْ لَا يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ لِكَمَالِ وِلَايَةِ الْمَوْلَى كَالْأَبِ وَلِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْهُ، وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ إذَا بَلَغَ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ خِيَارُ الْعِتْقِ فَيُطَلِّقُ إنْ شَاءَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ) وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ ثَيِّبًا فَوَقَفَ خِيَارُهَا الْعُمْرَ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>