وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ. لَهُمَا مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ إنَّمَا ثَبَتَتْ صَوْنًا لِلْقَرَابَةِ عَنْ نِسْبَةِ غَيْرِ الْكُفْءِ إلَيْهَا وَإِلَى الْعَصَبَاتِ الصِّيَانَةُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ وَالنَّظَرُ يَتَحَقَّقُ بِالتَّفْوِيضِ إلَى مَنْ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالْقَرَابَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الشَّفَقَةِ (وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) يَعْنِي الْعَصَبَةَ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (إذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا الَّذِي أَعْتَقَهَا) (
الْبِنْتِ ثُمَّ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ الْأُخْتِ لِأَبٍ ثُمَّ لِوَلَدِ الْأُمِّ يَسْتَوِي ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ مُعَلِّمًا بِعَلَامَةِ فَتَاوَى الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ عُمَرَ النَّسَفِيِّ: غَابَ الْأَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَلَهُ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ فَزَوَّجَتْهَا أُخْتُهَا وَالْأُمُّ حَاضِرَةٌ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ، وَلَيْسَتْ الْأُمُّ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَالنِّسَاءُ اللَّوَاتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ لَهُنَّ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ بِإِجْمَاعٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَهِيَ الْأُخْتُ وَالْعَمَّةُ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَكَذَا ذُكِرَ هُنَا، وَذَكَرَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ اهـ. قِيلَ هَذَا يَسْتَقِيمُ فِي الْأُخْتِ لَا الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَوِلَايَتُهُنَّ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَمِثْلُ مَا عَنْ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ مَنْقُولٌ فِي الْمُصَفَّى عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خواهر زاده، وَمُقْتَضَاهُ تَقَدُّمُ الْأُخْتِ عَلَى الْجَدِّ الْفَاسِدِ وَبَعْدَ أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ الْعَمَّاتُ ثُمَّ الْأَخْوَالُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنَاتُ الْعَمَّاتِ، وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لَهُمَا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى. وَقِيَاسُ مَا صُحِّحَ فِي الْجَدِّ وَالْأَخِ مِنْ تَقَدُّمِ الْجَدِّ تَقَدُّمِ الْجَدِّ الْفَاسِدِ عَلَى الْأُخْتِ ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِ أَبِي الصَّغِيرَةِ وَوَالَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ فَتَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ، ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْقَاضِي إذَا شَرَطَ فِي عَهْدِهِ تَزْوِيجَ الصَّغَائِرِ وَالصِّغَارِ، ثُمَّ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا وِلَايَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَا لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مُضْطَرِبٌ فِيهِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ) عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: الْجُمْهُورُ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ (لَهُمَا مَا رَوَيْنَا) يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «الْإِنْكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ» أَثْبَتَ لَهُمْ الْجِنْسَ، وَلَيْسَ مِنْ وَرَاءِ الْجِنْسِ شَيْءٌ فَيَثْبُتُ لِغَيْرِهِمْ فَلَا إنْكَاحَ لِغَيْرِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ إنَّمَا ثَبَتَتْ صَوْنًا لِلْقَرَابَةِ عَنْ نِسْبَةِ غَيْرِ الْكُفْءِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْقَرَابَةِ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَقَارِبِ أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ (وَإِلَى الْعَصَبَاتِ الصِّيَانَةُ) عَنْ ذَلِكَ لَا إلَى غَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَى قَبِيلَةٍ أُخْرَى فَلَا يَلْحَقُهُمْ الْعَارُ بِذَلِكَ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ وَالنَّظَرُ يَتَحَقَّقُ بِالتَّفْوِيضِ إلَى مَنْ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالْقَرَابَةِ) إذْ مُطْلَقُهَا بَاعِثٌ عَلَى الشَّفَقَةِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِيَارِ الْكُفْءِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ بِهَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute