للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ رَجُلٌ بِرَجُلٍ» وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَ قُرَيْشٍ لِمَا رَوَيْنَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَسَبًا مَشْهُورًا كَأَهْلِ بَيْتِ الْخِلَافَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ تَعْظِيمًا لِلْخِلَافَةِ وَتَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْعَشِيرَةَ بَعْدَ الْفَصِيلَةِ فَقَالَ:

اقْصِدْ الشَّعْبَ فَهْوَ أَكْثَرُ حَيٍّ … عَدَدًا فِي الْجِوَاءِ ثُمَّ الْقَبِيلَهْ

ثُمَّ يَتْلُوهُمَا الْعِمَارَةُ ثُمَّ … الْبَطْنُ وَالْفَخِذُ بَعْدَهَا وَالْفَصِيلَهْ

ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا الْعَشِيرَةُ لَكِنْ … هِيَ فِي جَنْبِ مَا ذَكَرْنَا قَلِيلَهْ

(قَوْلُهُ وَالْمَوَالِي) هُمْ الْعُتَقَاءُ، وَالْمُرَادُ هُنَا غَيْرُ الْعَرَبِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُمْ رِقٌّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا ضَلُّوا أَنْسَابَهُمْ كَانَ التَّفَاخُرُ بَيْنَهُمْ بِالدِّينِ وَمَا نَذْكُرُهُ فَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِي أَنْسَابِ قُرَيْشٍ، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْهَاشِمِيَّ وَالْمُطَّلِبِيَّ أَكْفَاءٌ دُونَ غَيْرِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ.

قَالُوا: وَزَوَّجَ النَّبِيُّ بِنْتَيْهِ مِنْ عُثْمَانَ وَهُوَ أُمَوِيٌّ، وَزَوَّجَ أُمَّ كُلْثُومٍ مِنْ عُمَرَ وَهُوَ عَدَوِيٌّ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ يَقُولُ يَجُوزُ كَوْنُهُ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي الْكَفَاءَةِ نَظَرًا إلَى مَصْلَحَةٍ أُخْرَى لَكِنَّهُ يَرَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي النَّسَبِ فَيَلْزَمُهُ مَا ذَكَرْنَا، وَعَلَى أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ فِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ، وَعَلَى مُحَمَّدٍ فِي اعْتِبَارِهِ الزِّيَادَةَ بِالْخِلَافَةِ حَتَّى لَا يُكَافِئَ أَهْلُ بَيْتِ الْخِلَافَةِ غَيْرَهُمْ مِنْ الْقُرَشِيِّينَ، هَذَا إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ عَدَمَ الْمُكَافَأَةِ لَا إنْ قَصَدَ بِهِ تَسْكِينَ الْفِتْنَةِ.

وَفِي الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ: قَالُوا الْحَسِيبُ يَكُونُ كُفْئًا لِلنَّسِيبِ، فَالْعَالِمُ الْعَجَمِيُّ كُفْءٌ لِلْجَاهِلِ الْعَرَبِيِّ وَالْعَلَوِيَّةِ، لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ وَالْحَسَبِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ: الْحَسِيبُ هُوَ الَّذِي لَهُ جَاهٌ وَحِشْمَةٌ وَمَنْصِبٌ. وَفِي الْيَنَابِيعِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ كُفْئًا لِلْعَلَوِيَّةِ.

وَأَصْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ أُعْتِقَ إذَا أَحْرَزَ مِنْ الْفَضَائِلِ مَا يُقَابِلُ بِهِ نَسَبَ الْآخَرِ كَانَ كُفْئًا لَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْبِلَادِ. فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْقَرَوِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>