وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِالْأَكْفَاءِ. قُلْنَا الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا. وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ فِي هَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّزَوُّجِ بِمُطْلَقِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ فِي التَّزَوُّجِ بِالْكُفْءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَمِيرِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِيُعْلَمَ ذَلِكَ فِيمَنْ دُونَهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. فَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِتَزْوِيجِهِ فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً لَا تُكَافِئُهُ وَلَا تُهْمَةَ، وَلَوْ زَوَّجَهُ أَمَةً لِغَيْرِهِ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ مَفْلُوجَةً أَوْ مَجْنُونَةً جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ زَوَّجَهُ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا جَازَ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ هُوَ قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا. وَلَوْ زَوَّجَ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ غَيْرَ كُفْءٍ، قِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا. وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعَيَّرُ بِغَيْرِ الْكُفْءِ فَيَتَقَيَّدُ إطْلَاقُهَا بِهِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ لَا يُعَيِّرُهُ أَحَدٌ بِعَدَمِ كَفَاءَتِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفْرِشٌ وَاطِئٌ لَا يَغِيظُهُ دَنَاءَةُ الْفِرَاشِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لِلْوَكِيلِ فَلَا يَجُوزُ لِلتُّهْمَةِ، وَلِهَذَا لَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا أَوْ وَكَّلَتْ رَجُلًا فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَ وَكِيلُ الرَّجُلِ بِنْتَهُ وَلَدَهُ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ وَهُوَ وَلِيُّهَا لَا يَجُوزُ لِلتُّهْمَةِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ بِالْأَكْفَاءِ (قُلْنَا الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ) أَيْ الْوَاقِعُ مِنْ أَهْلِ الْعُرْفِ تَزْوِيجُهُمْ بِالْمُكَافِئَاتِ وَغَيْرِ الْمُكَافِئَاتِ فَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِتَزْوِيجِ الْمُكَافِئَاتِ لِيَنْصَرِفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ (أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ مُقَيِّدًا) لِلَّفْظِ إذْ اللَّفْظُ الْمُقَيَّدُ عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظٍ ضُمَّ إلَيْهِ لَفْظٌ يُقَيِّدُهُ، وَلَا يُخْفَى مَا فِي هَذَا الْوَجْهِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْأُصُولِ الْحَقِيقَةُ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ يَنْفِيهِ، إذْ لَيْسَتْ الْعَادَةُ إلَّا عُرْفًا عَمَلِيًّا، فَالْأَوْلَى الْأَوَّلُ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: قَوْلُهُمَا أَحْسَنُ لِلْفَتْوَى وَاخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي سُكُوتِ الشَّيْخِ عَقِيبَ قَوْلِهِ (وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ فِي هَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّزَوُّجِ بِمُطْلَقِ الزَّوْجَةِ فَكَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ فِي التَّزَوُّجِ بِالْمُكَافِئَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute