للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصَّدَاقِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، فَإِذَا أَتْلَفَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ قَدْرُهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا اخْتَارَتْ أَخْذَهُ لَا تُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ. وَأَمَّا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَهَا هَذَا الْخِيَارُ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ إذَا اخْتَارَتْ أَخْذَهُ. وَأَمَّا بِفِعْلِ الصَّدَاقِ نَفْسِهِ، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هُوَ كَالْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ هَدَرٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَتَعْيِيبِ الزَّوْجِ. وَأَمَّا بِفِعْلِهَا فَتَصِيرُ قَابِضَةً لَهُ كُلَّهُ.

وَأَمَّا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَيَجِبُ ضَمَانُهُ النُّقْصَانَ وَيَكُونُ ضَمَانُهُ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِلتَّغْيِيرِ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَهُ وَتُضَمِّنَ الْجَانِيَ نُقْصَانَهُ أَوْ تُضَمِّنَ الزَّوْجَ قِيمَتَهُ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْعَيْنَ وَتُضَمِّنَ الزَّوْجَ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْهُ بِذَلِكَ، هَذَا كُلُّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهُوَ فِي حَقِّ النِّصْفِ كَمَا فِي الْكُلِّ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَفِي السَّمَاوِيِّ إنْ شَاءَتْ ضَمَّنَهَا الزَّوْجُ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهَا إيَّاهُ كَمَا قَبَضَتْهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا ضَمَانُ نُقْصَانٍ، وَالتَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الصَّدَاقِ كَالسَّمَاوِيِّ، وَكَذَا بِفِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكًا لَهَا صَحِيحًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانَ نُقْصَانٍ عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ ضَامِنٌ وَهُوَ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ فَيُمْنَعُ تَنْصِيفُ الْأَصْلِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ يَوْمَ قَبَضَهُ.

وَكَذَا إذَا تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي إيجَابِ الْأَرْشِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ تَنْصِيفَ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ، فَلَوْ كَانَ إنَّمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْأَصْلِ مَعَ نِصْفِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فَسَدَ فِي النِّصْفِ بِالطَّلَاقِ وَصَارَ مُسْتَحَقَّ الرَّدِّ عَلَى الزَّوْجِ فَكَانَ فِي يَدِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهَا ضَمَانُ النُّقْصَانِ سَوَاءٌ تَعَيَّبَ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا بِالْقَبْضِ، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْأَرْشُ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهَا. وَوَقَعَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَاكِمِ أَبِي الْفَضْلِ أَنَّ التَّعَيُّبَ فِي يَدِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ: وَهُوَ غَلَطٌ، بَلْ الصَّحِيحُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا ذَكَرْنَا، فَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ جَارِيَةً فَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى وَطِئَهَا الزَّوْجُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي مِلْكِ الْمَرْأَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إلَّا أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَهَذَا الْعُقْرُ مَعَ الْوَلَدِ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ، وَالْعُقْرُ بَدَلُهُ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَصَّفَ الْكُلُّ فَيَكُونُ الْعُقْرُ وَالْجَارِيَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَكُونُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِهَا مِنْهُ، وَلَكِنْ يُعْتَقُ نِصْفُ الْوَلَدِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ وَلَدِهِ مِنْ الزِّنَا فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ لِلْجُزْئِيَّةِ، وَيَسْعَى لِلْمَرْأَةِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَصِيرُ الزَّوْجُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ مَا صَنَعَ فِي الْوَلَدِ شَيْئًا إنَّمَا صَنَعَ الطَّلَاقَ وَذَلِكَ لَيْسَ مُبَاشَرَةً لِإِعْتَاقِ الْوَلَدِ بَلْ مِنْ حُكْمِ الطَّلَاقِ عَوْدُ النِّصْفِ إلَى الزَّوْجِ ثُمَّ يُعْتَقُ عَلَيْهِ حُكْمًا لِمِلْكِهِ.

وَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمَرْأَةِ أَوْ قُتِلَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ قَبَضَتْ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الصَّدَاقِ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يُلَاقِ مِلْكَهُ بَلْ مِلْكَ الْمَرْأَةِ فَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا. وَإِذًا قَدْ انْجَرَّ الْكَلَامُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ فَلْنَسْتَوْفِهِ.

وَحَاصِلُهُ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الزِّيَادَةَ قَبْلَ قَبْضِهِ مُتَّصِلَةٌ كَالسِّمَنِ وَانْجِلَاءِ بَيَاضِ الْعَيْنِ وَمُنْفَصِلَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>