. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ قِبَلِهَا ثَابِتٌ فَيَسْرِي ذَلِكَ الْحَقُّ إلَى الزِّيَادَةِ كَالْمُشْتَرَاةِ شِرَاءً فَاسِدًا إذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَازْدَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فَإِنَّ الْبَائِعَ يَسْتَرِدُّهَا بِزِيَادَتِهَا.
وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ تَفْصِيلًا قَالَ فِي الطَّلَاقِ: يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَصْلِ، وَعِنْدَ رِدَّتِهَا يَسْتَرِدُّ مِنْهَا الْأَصْلَ مَعَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تَفْسَخُ السَّبَبَ مِنْ الْأَصْلِ فَيَكُونُ الرَّدُّ بِحُكْمِ انْفِسَاخِ السَّبَبِ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَفِيهِ يَثْبُتُ الرَّدُّ فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ، أَمَّا الطَّلَاقُ فَحَلُّ الْعَقْدِ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ لَهُ مِنْ الْأَصْلِ، فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي يَدِهِ، وَيَتَعَذَّرُ نِصْفُ الزِّيَادَةِ بِتَعَذُّرِ نِصْفِ الْأَصْلِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا مَلَكَتْ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ وَتَمَّ مِلْكُهَا فِيهِ بِالْقَبْضِ فَحَدَثَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى مِلْكٍ تَامٍّ لَهَا، وَالتَّنْصِيفُ عِنْدَ الطَّلَاقِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ، وَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ مُسَمَّاةً فِيهِ وَلَا حُكْمًا إذْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ فَتَعَذَّرَ تَنَصُّفُهَا وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ تَنَصُّفُهَا تَعَذُّرَ تَنَصُّفِ الْعَيْنِ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْمَبِيعِ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ بِالْعَيْبِ إذَا كَانَتْ حَادِثَةً بَعْدَ الْقَبْضِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الْوَاهِبَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، فَإِذَا رَجَعَ فِي الْأَصْلِ بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَقَدْ كَانَ الْأَصْلُ سَالِمًا لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُسَلَّمَ الزِّيَادَةُ أَيْضًا بِغَيْرِ عِوَضٍ. فَأَمَّا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ فَمُعَاوَضَةٌ، فَبَعْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الزِّيَادَةِ لَوْ أَثْبَتْنَا الرَّدَّ فِي الْأَصْلِ بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ سَالِمَةً بِلَا عِوَضٍ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ الْمِلْكُ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ رَفْعِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ تَنَصُّفُ الْأَصْلِ وَجَبَ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلزَّوْجِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ بَعْدَ تَقَرُّرِ سَبَبِ وُجُوبِهِ.
وَلَمَّا كَانَ الصَّدَاقُ إنَّمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهَا بِالْقَبْضِ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةَ وَقْتَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءِ الْبَيَاضِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبَى يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
هَذَا وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ سَوَاءٌ إنَّمَا لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الصَّدَاقِ يَوْمَ قَبَضَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ: يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ بِزِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ لَا عِبْرَةَ بِهَا فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَقَبَضَهَا فَازْدَادَتْ مُتَّصِلَةً ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْجَارِيَةَ بِزِيَادَتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَةَ كَزِيَادَةِ السِّعْرِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ بِاعْتِبَارِهَا لِزِيَادَةِ السِّعْرِ فَكَذَا فِي الصَّدَاقِ، بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ فِيهَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدِ ضَمَانٍ، فَالْقَبْضُ بِحُكْمِهِ لَمَّا لَمْ يُوجِبْ ضَمَانَ الْعَيْنِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ حَقٌّ فِي الْعَيْنِ حَتَّى يَسْرِيَ إلَى الزِّيَادَةِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الزِّيَادَةِ تَعَذَّرَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا، بِخِلَافِ قَبْضِهَا الصَّدَاقَ فَإِنَّهُ قَبْضُ ضَمَانٍ لِحَقِّ الزَّوْجِ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ بَقَاءُ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الْأَصْلِ فَيَسْرِي إلَى الزِّيَادَةِ كَالْبَيْعِ.
وَلَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ حَدَثَتْ فِي مَالِكٍ صَحِيحٍ لَهَا فَتَكُونُ سَالِمَةً لَهَا بِكُلِّ حَالٍ كَالْمُنْفَصِلَةِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ تَنَصُّفُ الزِّيَادَةِ تَعَذَّرَ تَنَصُّفُ الْأَصْلِ لِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ لَا عِوَضًا عَنْ مَالٍ، وَالْمُتَّصِلَةُ فِي الصِّلَاتِ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ كَالْمَوْهُوبِ، وَتَأْثِيرُ الْمُتَّصِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute