هُوَ يَقُولُ: الْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا كَاللَّيْلِ فِي بَابِ الصَّوْمِ. وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ لِإِسْقَاطِ مَا وَرَاءَهَا إذْ لَوْلَاهَا لَاسْتَوْعَبَتْ الْوَظِيفَةُ الْكُلَّ، وَفِي بَابِ الصَّوْمِ لِمَدَّ الْحُكْمِ إلَيْهَا إذْ الِاسْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْإِمْسَاكِ سَاعَةً،
إدْخَالِ الْبَيَاضِ الْمُعْتَرَضَ بَيْنَ الْعَذَارِ وَالْأُذُنِ بَعْدَ نَبَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ هُوَ النَّابِتُ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ، وَيُعْطِي أَيْضًا وُجُوبَ الْإِسَالَةِ عَلَى شَعْرِ اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ غَسْلَ الْوَجْهِ وَحْدَهُ بِذَلِكَ.
وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الرِّوَايَاتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَعَنْهُ يَجِبُ مَسْحُ رُبْعِهَا، وَعَنْهُ مَسْحُ مَا يُلَاقِي الْبَشَرَةَ، وَعَنْهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ اسْتِيعَابُهَا.
وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ ﵀ فِي الْأَصْلِ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ كُلِّهِ، قِيلَ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْبَشَرَةِ فَتَحَوَّلَ الْفَرْضُ إلَيْهِ كَالْحَاجِبِ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ عَنْ ابْنِ شُجَاعٍ: إنَّهُمْ رَجَعُوا عَمَّا سِوَى هَذَا، كُلُّ هَذَا فِي الْكَثَّةِ، أَمَّا الْخَفِيفَةِ الَّتِي تُرَى بَشَرَتُهَا فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهَا، وَلَوْ أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى شَعْرِ الذَّقَنِ ثُمَّ حَلَقَهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّقَنِ.
وَفِي الْبَقَّالِيِّ: لَوْ قَصَّ الشَّارِبَ لَا يَجِبُ تَخْلِيلُهُ، وَإِنْ طَالَ يَجِبُ تَخْلِيلُهُ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى الشَّفَتَيْنِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَطْعَهُ مَسْنُونٌ فَلَا يُعْتَبَرُ قِيَامُهُ فِي سُقُوطِ غَسْلِ مَا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ اللِّحْيَةِ فَإِنَّ إعْفَاءَهَا هُوَ الْمَسْنُونُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَبَتَتْ جِلْدَةٌ لَا يَجِبُ قَشْرُهَا وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهَا، بَلْ لَوْ أَسَالَ عَلَيْهَا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي قَشْرِهَا؛ إذْ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ سُنَّةٌ
وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ قِيَامُهَا مَانِعًا مِنْ الْغُسْلِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ بَعْدَ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبِ مِنْ الْآدَابِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَأَمَّا الشَّفَةُ فَقِيلَ تَبَعٌ لِلْفَمِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: مَا انْكَتَمَ عِنْدَ انْضِمَامِهِ تَبَعٌ لَهُ وَمَا ظَهَرَ فَلِلْوَجْهِ.
وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: إنْ كَانَ وَافِرَ الْأَظْفَارِ وَفِيهَا دَرَنٌ أَوْ طِينٌ أَوْ عَجِينٌ أَوْ الْمَرْأَةُ تَضَعُ الْحِنَّاءَ جَازَ فِي الْقَرَوِيِّ وَالْمَدَنِيِّ.
قَالَ الدَّبُوسِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَقَالَ الْإِسْكَافُ: يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ إلَّا الدَّرَنَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ.
وَقَالَ الصَّفَّارُ فِيهِ: يَجِبُ الْإِيصَالُ إلَى مَا تَحْتَهُ إنْ طَالَ الظُّفْرُ، وَهَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَإِنْ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الظَّوَاهِرِ لَكِنْ إذَا طَالَ الظُّفْرُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ عَرُوضِ الْحَائِلِ كَقَطْرَةِ شَمْعَةٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ.
وَفِي النَّوَازِلِ يَجِبُ فِي الْمِصْرِيِّ لَا الْقَرَوِيِّ؛ لِأَنَّ دُسُومَةَ أَظْفَارِ الْمِصْرِيِّ مَانِعَةٌ وُصُولَ الْمَاءِ بِخِلَافِ الْقَرَوِيِّ، وَلَوْ لَزِقَ بِأَصْلِ ظُفْرِهِ طِينٌ يَابِسٌ وَنَحْوُهُ أَوْ بَقِيَ قَدْرُ رَأْسِ الْإِبْرَةِ مِنْ مَوْضِعِ الْغَسْلِ لَمْ يَجُزْ، وَلَا يَجِبُ نَزْعُ الْخَاتَمِ وَتَحْرِيكُهُ إذَا كَانَ وَاسِعًا، وَالْمُخْتَارُ فِي الضَّيِّقِ الْوُجُوبُ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ شَيْءٌ يَسْقُطُ الْغُسْلُ، وَلَوْ بَقِيَ وَجَبَ، وَلَوْ طَالَ أَظْفَارُهُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَبَ غَسْلُهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ يَدَانِ عَلَى الْمَنْكِبِ فَالتَّامَّةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ يَجِبُ غَسْلُهَا، وَالْأُخْرَى زَائِدَةٌ فَمَا حَاذَى مِنْهَا مَحَلَّ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهُ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: هُوَ يَقُولُ الْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ) أَيْ هَذِهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا، فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ.