لِانْعِدَامِ التَّسْمِيَةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ فَيَتَقَدَّرُ بَدَلُهُ بِقِيمَتِهِ
فَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ مُسَمًّى وَقَدْ بَطَلَ وَإِمَّا لِرِضَاهَا، وَمُجَرَّدُ الرِّضَا بِالتَّمْلِيكِ لَا يَثْبُتُ لُزُومُ الْقَضَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْآخَرِ بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ الرِّضَا بِالْحَطِّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَيَتِمُّ بِالْوَاحِدِ، وَعَلَى هَذَا لَا تَتِمُّ الْمُعَارَضَةُ لِزُفَرَ ﵀ بِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» الْحَدِيثُ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَكَانَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَصْلًا فِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، هَذَا بَعْدَمَا فِيهِ مِمَّا قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ.
[فُرُوعٌ]
لَا يَصِيرُ مُحْصَنًا بِهَذَا الدُّخُولِ إلَّا عِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ.
وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ إلَّا بِالدُّخُولِ، ثُمَّ لَوْ تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى مَهْرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَرَّرَ وَطْءُ الِابْنِ لِجَارِيَةِ الْأَبِ وَادَّعَى الشُّبْهَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ إنْ كَانَ بِشُبْهَةِ اشْتِبَاهٍ تَعَدَّدَ الْمَهْرُ بِتَكَرُّرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةِ مِلْكٍ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ، فَفِي جَارِيَةِ الْأَبِ وَجَارِيَةِ الزَّوْجَةِ إذَا وَطِئَهَا بِخُرُوجِ الثَّابِتِ فِي حَقِّهِمَا شُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ.
وَفِي جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا وَطِئَهَا الْأَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ وَالزَّوْجَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ إذَا ظَهَرَ بَعْدَ تَعَدُّدِ الْوَطْءِ أَنَّهُ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا الثَّابِتِ فِي حَقِّهِمْ شُبْهَةُ الْمِلْكِ، وَتَقَرُّرُ الْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ لَا يَتَعَدَّدُ بِهِ الْمَهْرُ فَكَذَا فِي شُبْهَتِهِ. وَأَمَّا إذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا قَالَ الشَّيْخُ حُسَامُ الدِّينِ: لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ، وَكَانَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَالِدِي يَقُولُ: يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ جَارِيَةِ الْأَبِ فِي حَقِّ الِابْنِ، وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُحَدُّ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ.
وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطُهَا ثُمَّ أَتَمَّ الْجِمَاعَ لَزِمَهُ مَهْرَانِ: مَهْرُ الْمِثْلِ بِالزِّنَا لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ حِينَ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ تَمَامِهِ وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى بِالنِّكَاحِ وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْخَلْوَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي الْجِنْسِ الْخَامِسِ مِنْ فَصْلِ الْمَهْرِ: لَوْ وَطِئَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلَاقِ ثَلَاثٍ وَادَّعَى الشُّبْهَةَ هَلْ يَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ أَمْ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ؟ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فَهُوَ ظَنٌّ فِي مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَقَعُ لَكِنْ ظَنَّ أَنَّ وَطْئَهَا حَلَالٌ فَهَذَا ظَنٌّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀: اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute