فَلَا مَهْرَ لَهَا)؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِيهِ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِفَسَادِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ (وَكَذَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ)؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ فِيهِ لَا يَثْبُتُ بِهَا التَّمَكُّنُ فَلَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى) عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَلَنَا أَنَّ الْمُسْتَوْفَى لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِالتَّسْمِيَةِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسَمَّى
فَسَادَهَا إذَا زَادَتْ وَصِحَّتَهَا إذَا نَقَصَتْ لِانْضِمَامِ رِضَاهَا. وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ إلَّا فَاسِدَةً، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِبُطْلَانِهَا، إذْ لَيْسَ مَعْنَى فَسَادِ التَّسْمِيَةِ إلَّا كَوْنُ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمَالٍ أَوْ وُقُوعُهُ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ كُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَقِلُّ بِفَسَادِهَا وَبِفَسَادِهَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ الْقِيمَةُ لِلْبُضْعِ شَرْعًا.
وَتَقْرِيرُ الْكِتَابِ لَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ: أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَمِّهَا فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِالْحَطِّ مُسْقِطَةً حَقَّهَا فِي الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِهِ حَيْثُ لَمْ تُسَمِّ تَمَامَهُ. وَإِذَا عَلِمْت فَسَادَ التَّسْمِيَةِ عَلِمْت أَنَّ الْمَصِيرَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ اتِّفَاقًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ ﵀، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجِبُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَنَحْنُ لَا نُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى لِمَا ذَكَرْنَا. فَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لَكِنَّهَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهَا، وَنَتْرُكُ بَاقِيَ الْمُقَدِّمَاتِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا بَلْ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِالتَّسْمِيَةِ، إنْ أَرَادَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَالْحَصْرُ مَمْنُوعٌ بَلْ تَارَةً بِهَا وَتَارَةً بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَرَادَ فِي الْفَاسِدِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِيهِ حَتَّى صَارَ خَالِيًا عَنْ التَّسْمِيَةِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، غَيْرَ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ حَطُّهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اُعْتُبِرَ رِضَاهَا بِالْحَطِّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا بِالزِّيَادَةِ فَلَمْ يُوجِبُوا الْمُسَمَّى إذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute