للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا يَجِبُ الْعَبْدُ وَتَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَإِذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ

الضَّرَرِ، وَلَا جَوَابَ إلَّا بِمَا قُلْنَا مِنْ الْتِزَامِهَا لِذَلِكَ حَيْثُ قَصَّرَتْ إنْ تَمَّ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَكَوْنُهَا مُقَصِّرَةً بِذَلِكَ مَمْنُوعٌ إذْ الْعَادَةُ مَانِعَةٌ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي أَنَّ الْمُسَمَّى حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ.

وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الثِّيَابِ الْعَشَرَةِ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةٌ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ التِّسْعَةِ، وَحَكَمَ مُحَمَّدٌ بِهَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ سَاوَتْ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ زَادَتْ وَإِلَّا كَمَّلَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَفِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ: مِنْ عَلَامَةِ الْعَيْنِ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ فَإِذَا هِيَ أَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَحَدَ عَشَرَ وَزِيَادَةً فَلَهَا أَحَدَ عَشَرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ إحْدَى الْعَشْرَتَيْنِ أَجْوَدَهُمَا أَوْ أَرْدَأَهُمَا فَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، أَمَّا إذَا وُجِدَتْ تِسْعَةٌ فَلَهَا التِّسْعَةُ لَا غَيْرَ عِنْدَهُ وَبِهِ يُفْتَى، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ الْهَرَوِيَّةِ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةٌ حَيْثُ كَانَ لَهَا التِّسْعَةُ وَثَوْبٌ آخَرُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ فِي الْأُولَى الْمَنْطُوقَ بِهِ الثَّوْبُ الْمُطْلَقُ، وَالثَّوْبُ الْمُطْلَقُ لَا يَجِبُ مَهْرًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ مُطْلَقٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمَنْطُوقُ بِهِ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ وَهَذَا يَجِبُ مَهْرًا.

وَشَرْحُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى أَنَّ التَّزَوُّجَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى عَشْرَةٍ، وَحِينَ وَجَدَتْ أَحَدَ عَشَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَشْتَمِلَ غَالِبًا عَلَى عَشْرَةٍ هِيَ أَجْوَدُ الْأَحَدَ عَشَرَ وَعَشْرَةٍ هِيَ أَرْدَأُ الْأَحَدَ عَشَرَ فَصَارَتْ التَّسْمِيَةُ عَشْرَةً مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إمَّا أَرْدَؤُهَا أَوْ أَجْوَدُهَا، وَبِهِ تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَحْكُمُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا الْأَحَدَ عَشَرَ لِرِضَاهَا بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْدَأُ وَالْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ الْأَجْوَدُ تَعَيَّنَ، أَعْنِي مَهْرَ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوْكَسِ الْعَبْدَيْنِ وَأَجْوَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْدَإِ الْعَشْرَتَيْنِ أَوْ مِثْلِهَا تَعَيَّنَ الْعَشَرَةُ الرَّدِيئَةُ كَمَا لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَوْكَسِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ مِثْلِهِ، هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ.

وَأَمَّا قِيَاسُ قَوْلِهِمَا فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَتَعَيَّنَ أَرْدَؤُهُمَا مُطْلَقًا كَمَا عَيَّنَا أَوْكَسَ الْعَبْدَيْنِ كَذَلِكَ. وَشَرْحُ عِبَارَةِ التِّسْعَةِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ الْعَشَرَةُ تِسْعَةً وَلَمْ يَصِفْهَا بِالْهَرَوِيَّةِ فَكَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ التِّسْعَةِ وَثَوْبٌ آخَرُ وَهُوَ مُطْلَقٌ فَيَلْغُو وَتَجِبُ التِّسْعَةُ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَفَهَا بِالْهَرَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ التِّسْعَةِ وَثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَلَا تَبْطُلُ تَسْمِيَتُهُ، غَيْرَ أَنَّ مُقْتَضَى الْأَصْلِ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِيهِ بَيْنَ عَيْنِهِ وَقِيمَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) وَهُوَ كَتَزَوُّجِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ أَوْ الْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا خَلَا بِهَا أَوْ لَمْ يَخْلُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِالدُّخُولِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَقُمْ الْخَلْوَةُ فِيهِ مَقَامَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْهَا فِيهِ مُنْتَفٍ شَرْعًا، بِخِلَافِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ بِالْعَقْدِ وَيَكْمُلُ بِالْخَلْوَةِ لَوْ طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ فِيهِ أُقِيمَتْ مَقَامَ الدُّخُولِ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْوَطْءِ شَرْعًا وَحِسًّا. فَإِنْ دَخَلَ بِهَا بِجِمَاعٍ فِي الْقُبُلِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اعْتَبَرَهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَيْثُ تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ إذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَنَحْنُ نَقُولُ الْمُسْتَوْفَى وَلَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِالتَّسْمِيَةِ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسَمَّى لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ.

وَأُورِدَ عَلَيْهِ لُزُومَ التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّكَ أَسْقَطْت اعْتِبَارَ التَّسْمِيَةِ إذَا زَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ اعْتَبَرْتهَا إذَا نَقَصَتْ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً يَجِبُ شُمُولُ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَشُمُولُ الْوُجُودِ. وَأَجَابَ الْمُورِدُ بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَاسِدَةٌ مِنْ وَجْهٍ، صَحِيحَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسَمَّى مَالٌ فَاسِدَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا وُجِدَتْ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ فَاعْتَبَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>