لِأَنَّهُ مُسَمًّى، وَوُجُوبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ عَبْدًا)؛ لِأَنَّهُ أَطْمَعَهَا سَلَامَةَ الْعَبْدَيْنِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فَتَجِبُ قِيمَتُهُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ)؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ
لِأَنَّهُ مُسَمًّى، وَوُجُوبُ الْمُسَمَّى) الْمُسْتَحَقِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ (وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ) لَوْ كَانَ (عَبْدًا)؛ لِأَنَّهَا مَا رَضِيَتْ إلَّا بِهِمَا وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُ أَحَدِهِمَا فَتَجِبُ الْقِيمَةُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْبَاقِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ بَلَغَ الْبَاقِي مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ فَيَتَّحِدُ بِقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَلَمْ يَبْلُغْ الْبَاقِي مَهْرَ الْمِثْلِ تُمِّمَ مَهْرُ الْمِثْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا. فَهُنَا مَقَامَانِ لَهُمَا: مَقَامٌ اخْتَلَفَا فِيهِ وَهُوَ تَعْيِينُ الْوَاجِبِ مَعَ الْبَاقِي وَمَقَامٌ اتَّفَقَا فِيهِ وَهُوَ عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَاقِي وَلَهُمَا فِيهِ الْإِلْحَاقُ بِالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ: أَعْنِي مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَأَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ وَلَمْ يَفِ حَيْثُ يُكْمِلُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَقَطْ، وَقَدْ امْتَنَعَ الْبَاقِي فَلَمْ يَجِبْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ.
وَالْجَوَابُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْفَائِتَ فِي السَّابِقَةِ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ مَدْفُوعٌ بِأَنْ لَا أَثَرَ لِاسْتِحْقَاقِ مُسْتَحِقٍّ خَاصٍّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فِي دَفْعِ اسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ، وَلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيهَا لَيْسَ إلَّا لِعَدَمِ رِضَاهَا بِذَلِكَ الْقَدْرِ تَسْمِيَةً إذْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِالْكُلِّ، غَيْرَ أَنَّ الْفَائِتَ هُنَاكَ لَمَّا لَمْ يَتَقَوَّمْ صُيِّرَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُنَا يَتَقَوَّمُ بِمَعْنَى يُقَوَّمُ هَذَا الْحُرُّ عَبْدًا فَتَجِبُ قِيمَتُهُ، وَعَلَى هَذَا يَتَرَجَّحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنْ حَيْثُ الْوَجْهُ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ جَبْرَ الْفَائِتِ هُنَاكَ لِعَدَمِ رِضَاهَا وَعَدَمِ تَقْصِيرِهَا فِي تَعْيِينِ مَا تَرْضَى بِهِ، أَمَّا هُنَا فَهِيَ الْمُقَصِّرَةُ فِي الْفَحْصِ عَنْ حَالِ الْمُسَمَّيَيْنِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالْفَحْصِ بِخِلَافِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِخْرَاجِ وَطَلَاقَ الضَّرَّةِ إنَّمَا يُعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ هُنَا مُلْتَزِمَةً لِلضَّرَرِ مَعْنًى. هَذَا وَقَدْ خَرَجَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا يَلِيهَا مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ؛ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الْحُرِّ لَغْوٌ، وَإِذَا لَغَا تَسْمِيَةُ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ صَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ مُعْتَبَرَةٌ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى الْحُرِّ، فَاعْتُبِرَ تَسْمِيَةُ الْعَبْدَيْنِ لَكِنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ. وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ تَسْمِيَةَ الْعَبْدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الْحُرِّ لَغْوٌ، لَكِنَّهَا لَمْ تَرْضَ فِي تَمْلِيكِ بُضْعِهَا بِعَبْدٍ وَاحِدٍ فَيَجِبُ النَّظَرُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِدَفْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute