للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ إحْيَاءً لِلْوَلَدِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّابِتِ مِنْ وَجْهٍ. وَتُعْتَبَرُ مُدَّةُ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهِ، وَالْإِقَامَةُ بِاعْتِبَارِهِ.

قَالَ (وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِأَخَوَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَبَنَاتِ أَعْمَامِهَا) " لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ " وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ، وَقِيمَةُ الشَّيْءِ إنَّمَا تُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي قِيمَةِ جِنْسِهِ

أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَبِتَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ بِأَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ الْفَاسِدِ بِغَيْرِ حُضُورِ الْآخَرِ. وَقِيلَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِحُضُورِ الْآخَرِ. وَعِلْمُ غَيْرِ الْمُتَارِكِ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمُتَارَكَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْكَارُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بِحَضْرَتِهَا فَهُوَ مُتَارَكَةٌ وَإِلَّا فَلَا.

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَاخْتَارَ الصَّفَّارُ قَوْلَ زُفَرَ، حَتَّى لَوْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَعِنْدَنَا مَا لَمْ تَحُضَّهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَمْ تَنْقَضِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَضَاءِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ آخِرِ وَطْءٍ ثَلَاثًا يَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ نَقْلِ الْعَتَّابِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى: لَا تَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ مُدَّةُ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَى الْوَطْءِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ إقَامَةِ الْعَقْدِ فَقَامَ الْوَطْءُ (بِاعْتِبَارِهِ) وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ: تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَدَخَلَ بِهَا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ فَاعْتَبَرَهُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: تَأْوِيلُ هَذَا أَنَّ الدُّخُولَ كَانَ عَقِيبَ النِّكَاحِ بِلَا مُهْلَةٍ. قَالَ فِي الْغَايَةِ: قَدْ اعْتَبَرُوا الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ فَكَانَ الْأَحْوَطُ فِي النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَيْضًا لَا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِلنَّسَبِ.

قَالَ شَارِحُ الْكَنْزِ: هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اعْتَبَرُوهَا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لِيَثْبُتَ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إقَامَةً لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ مَقَامَ الْوَطْءِ، حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ ثَبَتَ نَسَبُهُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَلَا يُرَى أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُفَارِقْهَا وَهِيَ مَعَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ لِوَقْتِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ لَمَا ثَبَتَ، وَكَذَا لَوْ فَارَقَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ لَا يُمْكِنُ الِاعْتِبَارُ لِوَقْتِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ، وَلَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَعَنْهُ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَلَا الْعِدَّةُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ إذَا وَقَعَتْ فُرْقَةٌ وَمَا لَمْ تَقَعْ فَمِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ أَوْ الدُّخُولِ عَلَى الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَهَا مَهْرٌ مِثْلُ نِسَائِهَا) قَالَهُ فِي الْمُفَوِّضَةِ، وَقَدَّمْنَا تَخْرِيجَهُ، وَقَوْلُهُ (وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ) لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ تَفْسِيرُ نِسَائِهَا مِنْ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>