(وَلَا يُعْتَبَرُ بِأُمِّهَا وَخَالَتِهَا إذَا لَمْ تَكُونَا مِنْ قَبِيلَتِهَا) لِمَا بَيَّنَّا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا بِأَنْ كَانَتْ بِنْتَ عَمِّهِ فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ بِمَهْرِهَا لِمَا أَنَّهَا مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا.
(وَيُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ أَنْ تَتَسَاوَى الْمَرْأَتَانِ فِي السِّنِّ وَالْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالْبَلَدِ وَالْعَصْرِ)؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ وَالْعَصْرِ قَالُوا: وَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي أَيْضًا فِي الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ
(وَإِذَا ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ صَحَّ ضَمَانُهُ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى مَا يَقْبَلُهُ فَيَصِحُّ
عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ أَبِيهِ وَلِذَا صَحَّتْ خِلَافَةُ ابْنِ الْأَمَةِ إذَا كَانَ أَبُوهُ قُرَشِيًّا، وَعَلَى هَذَا كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ لِيَكُونَ وَجْهُ كَوْنِ الْإِضَافَةِ الْمَذْكُورَةِ تَعَيُّنَ كَوْنِهِنَّ أَقَارِبَ الْأَبِ ظَاهِرًا، وَهَذَا لِأَنَّ جَعْلَهُ وَجْهًا مُسْتَقِلًّا يَصِحُّ إلَّا أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَيْهَا لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ النِّسَاءِ الْمُضَافَةِ أَقَارِبَ الْأَبِ، بَلْ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِعَمَّاتِهَا وَأَخَوَاتِهَا نِسَاؤُهَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِخَالَاتِهَا أَيْضًا وَأَخَوَاتِهَا لِأُمِّهَا فَإِنَّمَا يُرَجَّحُ جِهَةُ إرَادَةِ الْأَبِ الْمُقَدَّمَةِ الْمَذْكُورَةِ
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ أَنْ تَتَسَاوَيَا فِي الْجَمَالِ) يَعْنِي بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْقَرَابَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَثْبُتُ صِحَّةُ الِاعْتِبَارِ بِالْمَهْرِ حَتَّى تَتَسَاوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا وَمَالًا وَبَلَدًا وَعَصْرًا وَعَقْلًا وَدِينًا وَبَكَارَةً وَأَدَبًا وَكَمَالَ خُلُقٍ وَعَدَمَ وَلَدٍ وَفِي الْعِلْمِ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا لَكِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا أَوْ زَمَانُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّ الْبَلَدَيْنِ تَخْتَلِفُ عَادَةُ أَهْلِهِمَا فِي الْمَهْرِ فِي غَلَائِهِ وَرُخْصِهِ، فَلَوْ زُوِّجَتْ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي زُوِّجَ فِيهِ أَقَارِبُهَا لَا يُعْتَبَرُ بِمُهُورِهِنَّ، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ فِي بَيْتِ الْحَسَبِ وَالشَّرَفِ بَلْ فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ وَهَذَا جَيِّدٌ.
وَقَالُوا: يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ أَيْضًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ زَوْجُ هَذِهِ كَأَزْوَاجِ أَمْثَالِهَا مِنْ نِسَائِهَا فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ وَعَدَمِهِمَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْ قَوْمِ الْأَبِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَأَجْنَبِيَّةٌ مَوْصُوفَةٌ بِذَلِكَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: يُنْظَرُ فِي قَبِيلَةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا، أَيْ مِثْلِ قَبِيلَةِ أَبِيهَا.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا أَقَارِبُ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْقَضَاءُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَفِي الْمُنْتَقَى: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ عُدُولٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: مَهْرُ مِثْلِ الْأَمَةِ عَلَى قَدْرِ الرَّغْبَةِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ صَحَّ ضَمَانُهُ) بِقَيْدِ كَوْنِ الضَّمَانِ فِي الصِّحَّةِ أَمَّا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute