للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ فِي جَعْلِهِ تَبَعًا لَهُ نَظَرًا لَهُ (وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ)؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ نَظَرٍ لَهُ إذْ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ، وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِيهِ لِلتَّعَارُضِ وَنَحْنُ بَيَّنَّا التَّرْجِيحَ.

(وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ

بِأَنَّ الْوَلَدَ كِتَابِيٌّ بِجَامِعِ الْأَنْظَرِ لِلْوَلَدِ فِي الدُّنْيَا بِالِاقْتِرَابِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَحْكَامِ مِنْ حِلِّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ، وَفِي الْأُخْرَى بِنُقْصَانِ الْعِقَابِ إذْ الْكِتَابِيَّةُ أَخَفُّ شَرًّا مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ فَيَثْبُتُ الْوَلَدُ كَذَلِكَ وَيَتْبَعُهُ فِي الْأَحْكَامِ (وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَيَقُولُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَبُ كِتَابِيًّا وَالْأُمُّ مَجُوسِيَّةً إنَّهُ مَجُوسِيٌّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ.

وَقَوْلُهُ الْآخَرُ إنَّهُ كِتَابِيٌّ تَبَعًا لِأَبِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ كِتَابِيَّةً وَالْأَبُ مَجُوسِيًّا فَهُوَ تَبَعٌ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَلَا ذَبِيحَتُهُ فَقَدْ جَعَلَهُ مَجُوسِيًّا مُطْلَقًا. وَقَوْلُهُ لِلتَّعَارُضِ، أَيْ تَعَارُضِ الْإِلْحَاقَيْنِ: أَيْ الْإِلْحَاقِ بِأَحَدِهِمَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَبِالْآخَرِ يُوجِبُ الْحِلَّ فَيُغَلَّبُ مُوجِبُ الْحُرْمَةِ هُوَ بِالْإِلْحَاقِ بِالْمَجُوسِيِّ (وَنَحْنُ بَيَّنَّا التَّرْجِيحَ) بِالْقِيَاسِ بِجَامِعِهِ، وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ إنَّمَا تَثْبُتُ تَبَعًا، وَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ إثْبَاتُ دِيَانَتِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَأَيْضًا قَوْلُهُ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ هُمَا اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ» الْحَدِيثَ، جَعَلَ اتِّفَاقَهُمَا نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْفِطْرَةِ، فَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْفِطْرَةِ أَوْ عَلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى أَصْلِ الْفِطْرَةِ كَذَا قِيلَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

وَأَمَّا مَا قِيلَ فِي تَرْجِيحِ تَرْجِيحِنَا عَلَى تَرْجِيحِ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ تَرْجِيحَهُ يَرْفَعُ التَّعَارُضَ وَتَرْجِيحَنَا يَدْفَعُهُ فَلَا حَاصِلَ لَهُ إذَا تَأَمَّلْت.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ هُنَا تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ ثُبُوتَهُ بِثُبُوتِ الْمُتَعَارِضَيْنِ مُسْتَلْزِمَيْنِ لِحُكْمِهِمَا وَلَيْسَ هُنَا إلَّا ثُبُوتُ حُكْمٍ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارٍ، وَضِدُّهُ عَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ، فَلَمَّا اشْتَرَكَ مَعَ الْمُعَارَضَةِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا بِالْقَوْلِ بِهِ سُمِّيَ تَعَارُضًا، وَإِلَّا فَالتَّعَارُضُ تَقَابُلُ الْحُجَّتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَيْسَ هُنَا حُجَّةً فَضْلًا عَنْ ثِنْتَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ) سَوَاءً كَانَ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، إذْ لَا يَصِحُّ تَزَوُّجُ الْكَافِرِ مُطْلَقًا مُسْلِمَةً، وَلَوْ وَقَعَ عُوقِبَ وَعُوقِبَتْ أَيْضًا إنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِحَالِهِ وَالسَّاعِي بَيْنَهُمَا أَيْضًا امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا، وَلَا يَصِيرُ بِهِ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَلَا يُقْتَلُ خِلَافًا لِمَالِكٍ؛ قَاسَهُ عَلَى مَا إذَا جَعَلَ نَفْسَهُ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِجَامِعِ أَنَّهُ بَاشَرَ مَا ضَمِنَ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ. قُلْنَا: كَإِلْزَامِ الْمُسْلِمِ بِالْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَحْظُورَهُ، وَبِفِعْلِهِ لَا يَصِيرُ شَرْعًا نَاقِضًا لِإِيمَانِهِ فَبِفِعْلِ الذِّمِّيِّ مَا الْتَزَمَ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ لَا يَصِيرُ نَاقِضًا لِأَمَانِهِ، وَقَتْلُ الطَّلِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مَعْنًى، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْحَقُهُ إجَازَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا.

وَقَالَ فِي إسْلَامِ الرَّجُلِ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ؛ لِأَنَّ كُفْرَ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا لَا يَمْنَعُ تَزَوُّجَ الْمُسْلِمِ بَلْ غَيْرَ الْكِتَابِيَّةِ فَلِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>