للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ مُرَافَعَتَهُمَا كَتَحْكِيمِهِمَا.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمَةً وَلَا كَافِرَةً وَلَا مُرْتَدَّةً)؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَتْلِ، وَالْإِمْهَالِ ضَرُورَةَ التَّأَمُّلِ، وَالنِّكَاحُ يَشْغَلُهُ عَنْهُ فَلَا يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ (وَكَذَا الْمُرْتَدَّةُ لَا يَتَزَوَّجُهَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ)؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِلتَّأَمُّلِ وَخِدْمَةُ الزَّوْجِ تَشْغَلُهَا عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ بَيْنَهُمَا الْمَصَالِحَ، وَالنِّكَاحُ مَا شُرِعَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِمَصَالِحِهِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ صَارَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ)

عُمَّالِهِ: أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَمَحَارِمِهِمْ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ بَلْ الْمَعْرُوفُ مَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: مَا بَالُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ تَرَكُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَاقْتِنَاءِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ: إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِيُتْرَكُوا وَمَا يَعْتَقِدُونَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مُتَّبِعٌ وَلَسْت بِمُبْتَدَعٍ وَالسَّلَامُ. وَلِأَنَّ الْوُلَاةَ وَالْقُضَاةَ مِنْ وَقْتِ الْفُتُوحَاتِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمُبَاشَرَتِهِمْ ذَلِكَ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ.

وَفِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ: لَوْ طَلَبَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا التَّفْرِيقَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا فِي الْخُلْعِ: يَعْنِي إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ ثُمَّ أَمْسَكَهَا فَرَفَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ إمْسَاكَهَا ظُلْمٌ وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الْعَهْدَ عَلَى تَقْرِيرِهِمْ عَلَى الظُّلْمِ، وَكَذَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُزِيلٌ لِلْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا خُصُوصَ عَدَدٍ. وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ الْبَاقِيَةَ نِكَاحُهَا عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى أُقِرَّ عَلَيْهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّحْقِيقِ أَنْ يُفَرَّقَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَوَجَبَ التَّعَرُّضُ بِالْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمَةً وَلَا كَافِرَةً) أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ تَحْتَ كَافِرٍ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلِأَنَّهُ مَقْتُولٌ مَعْنًى، وَكَذَا الْمُرْتَدَّةُ لَا تُزَوَّجُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِلتَّأَمُّلِ، وَمَنَاطُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا عَدَمُ انْتِظَامِ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ وَهُوَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا لَهَا فَكَانَ أَحَقَّ بِالْمَنْعِ مِنْ مَنْعِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ عَبْدَهَا وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ) يَتَحَقَّقُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ الْعَارِضِ بِأَنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَتْ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْآخَرِ وَالتَّفْرِيقِ أَوْ بَعْدَهُ فِي مُدَّةٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي مِثْلِهَا أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ قَبْلَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا صَارَ ذَلِكَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا، هَذَا إذَا كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا لَوْ تَبَايَنَتْ دَارُهُمَا بِأَنْ كَانَ الْأَبُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَسَنَذْكُرُهَا فِي السِّيَرِ فِي فَصْلٍ مِنْ بَابِ الْمُسْتَأْمَنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِأَنْ تَكُونَ الْأُمُّ كِتَابِيَّةً وَالْأَبُ مُسْلِمًا، فَمَا جَاءَتْ بِهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى التَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا إلَخْ، فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأُولَى وَمِنْ أَفْرَادِهَا، وَهَذِهِ إجْمَاعِيَّةٌ فَقِسْنَا عَلَيْهَا مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، أُمًّا أَوْ أَبًا فَحَكَمْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>