للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

«كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ». قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قُرْبِ النَّسْخِ حَتَّى إنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى إرَادَةِ نَسْخِ الْكُلِّ وَإِلَّا لَزِمَ ضَيَاعُ بَعْضِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُنْسَخْ وَعَدَمُهُ كَمَا عَنْ الرَّوَافِضِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ يُتْلَى خَمْسُ رَضَعَاتٍ إلَخْ، فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِنَسْخِ الْكُلِّ لِعَدَمِ التِّلَاوَةِ الْآنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ عَلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ وَعَدَمُهُ فَيَثْبُتُ قَوْلُ الرَّوَافِضِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ تُثْبِتْهُ الصَّحَابَةُ ، وَلِذَا بَطَلَ التَّمَسُّكُ بِهِ وَإِنْ كَانَ إسْنَادُهُ صَحِيحًا لِانْقِطَاعِهِ بَاطِنًا وَثَبَتَ نَفْيُ تَحْرِيمِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَانِ وَالرَّضَاعُ مُحَرِّمٌ وَجَبَ التَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ.

وَمَا رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي فَلَمَّا مَاتَ تَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ فَدَخَلَتْ دَوَاجِنُ فَأَكَلَتْهَا لَا يَنْفِي ذَلِكَ النَّسْخَ: يَعْنِي كَانَ مَكْتُوبًا وَلَمْ يُغْسَلْ بَعْدُ لِلْقُرْبِ حَتَّى دَخَلَتْ الدَّوَاجِنُ. وَإِلَّا فَالْقُرْآنُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ وَلَا النَّقْصُ بَعْدَهُ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وَمَا قِيلَ لِيَكُنْ نَسْخُ الْكُلِّ وَيَكُونُ النَّسْخُ التِّلَاوَةَ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ وَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا جَوَابَ عَنْهُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَ بَقَاءَ حُكْمِ الدَّالِّ بَعْدَ نَسْخِهِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ نَسْخَ الدَّالِّ يَرْفَعُ حُكْمَهُ، وَأَمَّا مَا نَظَرَ بِهِ مِنْ " الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا " فَلَوْلَا مَا عُلِمَ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ وَإِذَا احْتَاجَ إلَى ثُبُوتِ كَوْنِ الْمُحَرِّمِ الْخَمْسَ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ مُثْبِتًا لَهُ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مُسْتَأْنَفٌ، وَمَا ذَكَرَ لَهُ أَوَّلًا قَدْ سَمِعْت مَا فِيهِ فَحِينَئِذٍ تَمَسُّكُهُمْ فِي الثَّلَاثِ أَظْهَرُ مِنْ مُتَمَسِّكِهِ فِي الْخَمْسِ وَنَحْنُ إلَى جَوَابِهِ أَحْوَجُ فَكَيْفَ لَا يُعْتَبَرُ؟ نَعَمْ أَحْسَنُ الْأَدِلَّةِ لَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ قَالَتْ «جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ إلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ، فَقَالَ : أَرْضِعِي سَالِمًا خَمْسًا تَحْرُمِي بِهَا عَلَيْهِ» إلَّا أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، وَكَذَا السُّنَنُ الْمَشْهُورَةُ، بَلْ نُقِلَ فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ مُخَالِفًا لَهَا عَلَى مَا فِيهِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّقْدِيرَ مُطْلَقًا مَنْسُوخٌ صَرِيحٌ بِنَسْخِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ قِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّ الرَّضْعَةَ لَا تُحَرِّمُ، فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: آلَ أَمْرُ الرَّضَاعِ إلَى أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْقَلِيلَ يُحَرِّمُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ. فَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ رَدًّا لِلرِّوَايَةِ لِنَسْخِهَا أَوْ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا أَوْ لِعَدَمِ إجَازَتِهِ تَقْيِيدَ إطْلَاقِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِفِعْلِ الرَّضَاعَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهَذَا مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَمَا رَوَاهُ مَرْدُودٌ بِالْكِتَابِ أَوْ مَنْسُوخٌ بِهِ، ثُمَّ الَّذِي يَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>