للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِنُزُولِ اللَّبَنِ مِنْهَا فَيُضَافُ إلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا (وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِأُخْتِ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ)؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ إذَا كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ جَازَ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا. .

(وَكُلُّ صَبِيَّيْنِ اجْتَمَعَا عَلَى ثَدْيٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ أُمَّهُمَا وَاحِدَةٌ فَهُمَا أَخٌ وَأُخْتٌ (وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُرْضَعَةَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الَّتِي أَرْضَعَتْ)؛ لِأَنَّهُ أَخُوهَا

عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ وَقُلْتُ: وَاَللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَإِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَدَاكِ» وَفِي رِوَايَةٍ «تَرِبَتْ يَمِينُكِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الشَّاهِدَةِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِحَيْثُ يَتَضَاءَلُ مَعَهَا ذَلِكَ الْمَعْقُولُ.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَتَغَذَّى الْوَلَدُ بِهِ، وَأَمَّا لَبَنُ الرَّجُلِ فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ ، وَإِذَا تَرَجَّحَ عَدَمُ حُرْمَةِ الرَّضِيعَةِ بِلَبَنِ الزَّانِي عَلَى الزَّانِي كَمَا ذَكَرْنَا فَعَدَمُ حُرْمَتِهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ اللَّبَنُ مِنْهُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ الْمَسْطُورَ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ إذْ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ بِنْتِ الْمُرْضِعَةِ بِلَبَنِ غَيْرِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي دَلَالَةِ حَدِيثِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» عَلَى حُرْمَةِ الرَّبِيبَةِ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِنُزُولٍ اللَّبَنِ مِنْهَا فَتُضَافُ الْحُرْمَةُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا) كَالْمُصَاهَرَةِ؛ وَأَنْتَ عَلِمْت الْفَرْقَ بَلْ حَقِيقَةُ الْحَالِ أَنَّ الْبَعْضِيَّةَ تَثْبُتُ بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَالرَّضِيعِ فَأُثْبِتَتْ حُرْمَةُ الْأَبْنِيَةِ ثُمَّ انْتَشَرَتْ لَوَازِمُ تَحْرِيمِ الْوَلَدِ. .

(قَوْلُهُ وَكُلُّ صَبِيَّيْنِ) يُرِيدُ صَبِيًّا وَصَبِيَّةً فَغَلَّبَ الْمُذَكَّرَ فِي التَّثْنِيَةِ كَالْقَمَرَيْنِ وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ التَّغْلِيبِ كَالْخِفَّةِ فِي الْعُمَرَيْنِ فَإِنَّ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ ثَنَّى نَحْوَ أَبِي بَكْرٍ فَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يَكُونُ بِتَثْنِيَةِ الْمُضَافِ فَيُقَالُ أَبَوَا بَكْرٍ وَالْكُوفِيُّونَ يُثَنُّونَ الْجُزْأَيْنِ فَيَقُولُونَ أَبَوَا بَكْرَيْنِ، وَالشُّهْرَةُ كَالْأَقْرَعَيْنِ لِلْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَأَخِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُرْضَعَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>