للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْتَهْلَكًا فِي جِنْسِهِ لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَيْمَانِ.

(وَإِذَا نَزَلَ لِلْبِكْرِ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ النُّشُوءِ فَتَثْبُتُ بِهِ شُبْهَةُ الْبَعْضِيَّةِ. .

(وَإِذَا حَلَبَ لَبَنَ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَوْجَرَ الصَّبِيَّ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، هُوَ يَقُولُ: الْأَصْلُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ إنَّمَا هُوَ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا بِوَاسِطَتِهَا، وَبِالْمَوْتِ لَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لَهَا، وَلِهَذَا لَا يُوجِبُ وَطْؤُهَا حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ. وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ هُوَ شُبْهَةُ الْجُزْئِيَّةِ وَذَلِكَ فِي اللَّبَنِ لِمَعْنَى الْإِنْشَازِ وَالْإِنْبَاتِ وَهُوَ قَائِمٌ بِاللَّبَنِ، وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَيِّتَةِ دَفْنًا

التَّحْرِيمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِقْلَالًا. قَالَ (وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَيْمَانِ) إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَبَنَ هَذِهِ الْبَقَرَةِ فَخَلَطَ لَبَنَهَا بِلَبَنِ بَقَرَةٍ أُخْرَى فَشَرِبَهُ وَلَبَنُ الْبَقَرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا مَغْلُوبٌ فَفِي النِّهَايَةِ وَالدِّرَايَةِ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا. وَقَالَ شَارِحٌ: عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْنَثُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَصْلًا لِلْخِلَافِ إذَا كَانَ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَكَانَ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ أَخَّرَ دَلِيلَهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ كَلَامُهُ فِي الْمُنَاظَرَةِ كَانَ الْقَاطِعُ لِلْآخَرِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ السُّكُوتَ ظَاهِرٌ فِي الِانْقِطَاعِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا نَزَلَ لِلْبِكْرِ لَبَنٌ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ النُّشُوءِ) وَعَلَيْهِ الْأَرْبَعَةُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ، وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فَأَشْبَهَ لَبَنَ الرَّجُلِ. قُلْنَا نُدْرَةُ الْوُجُودِ لَا تَمْنَعُ عَمَلَ الدَّلِيلِ إذَا وُجِدَ، وَسَنَذْكُرُ لَهُ تَتِمَّةً.

(قَوْلُهُ وَإِذَا حَلَبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَوْجَرَ بِهِ صَبِيٌّ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، هُوَ يَقُولُ الْأَصْلُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ إنَّمَا هُوَ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَتَعَدَّى الْحُرْمَةُ إلَى غَيْرِهَا بِوَاسِطَتِهَا وَبِالْمَوْتِ لَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لَهَا، وَلِهَذَا) أَيْ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ (لَا يُوجِبُ وَطْؤُهَا حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ. وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ الْجُزْئِيَّةُ) وَحَاصِلُهُ إلْغَاءُ الْفَارِقِ بَيْنَ الْإِجْمَاعِيَّةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ حَيَّةً، وَالْخِلَافِيَّةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مَيِّتَةً وَهُوَ مَوْتُهَا؛ لِأَنَّ حَيَاتَهَا لَيْسَ جُزْءَ السَّبَبِ لِتَنْتَفِيَ الْحُرْمَةُ بِانْتِفَائِهِ بَلْ حُصُولُ الْجُزْئِيَّةِ تَمَامُ الْحِكْمَةِ لِقَوْلِهِ «لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ» إلَخْ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِلَبَنِ الْمَيِّتَةِ وَالِارْتِضَاعُ تَمَامُ الْعِلَّةِ، وَمَوْتُهَا غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ مَانِعِيَّتَهُ إنْ أُضِيفَتْ إلَى انْتِفَاءِ مَحَلِّيَّتِهَا مُطْلَقًا لِلْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>