للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَيَمُّمًا. أَمَّا الْحُرْمَةُ فِي الْوَطْءِ لِكَوْنِهِ مُلَاقِيًا لِمَحَلِّ الْحَرْثِ وَقَدْ زَالَ بِالْمَوْتِ فَافْتَرَقَا. .

(وَإِذَا احْتَقَنَ الصَّبِيُّ بِاللَّبَنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ كَمَا يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُفْسِدَ فِي الصَّوْمِ إصْلَاحُ الْبَدَنِ وَيُوجَدُ ذَلِكَ فِي الدَّوَاءِ. فَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فِي الرَّضَاعِ فَمَعْنَى النُّشُوءِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الِاحْتِقَانِ؛ لِأَنَّ الْمُغَذِّي

مَنَعْنَاهُ لِثُبُوتِ بَعْضِهَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ فِي الْحَالِ حَلَّ لَهُ دَفْنُ الْمَيِّتَةِ وَيَمَّمَهَا؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ أُمُّ زَوْجَتِهِ، وَأَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا، حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرَّضِيعَةِ وَبِنْتِ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى حُرْمَةِ نِكَاحِهَا فَقَطْ مَنَعْنَا تَأْثِيرَهُ فِي إفَادَةِ الْمَانِعِيَّةِ بَلْ يُفْسِدُهَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ مُطْلَقًا، فَإِنْ بَيَّنَ الْمَانِعِيَّةَ بِأَنَّ الْحُكْمَ وَهُوَ حُرْمَةَ النِّكَاحِ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِيهَا ثُمَّ يَتَعَدَّى.

قُلْنَا إنْ أَرَدْت أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِيهَا مَنَعْنَاهُ، بَلْ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّفَاقِ مَحَلِّيَّتِهَا حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي الْكُلِّ مَعًا شَرْعًا، وَالتَّقَدُّمُ فِي الْأُمِّ ذَاتِيٌّ لَا زَمَانِيٌّ، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْمَانِعُ فِي حَقِّهَا ثَبَتَ فِيمَنْ سِوَاهَا، وَلَوْ عَلَّلَ ابْتِدَاءً بِنَجَاسَةِ اللَّبَنِ أَوْ الْحُرْمَةِ كَرَامَةً إذْ فِيهِ تَكْثِيرُ الْأَعْوَانِ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالسَّكَنِ وَبِالْمَوْتِ تَنَجَّسَ، فَإِنْ أَرَادَ عَيْنًا مَنَعْنَاهُ، بَلْ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ الطَّاهِرَةِ طَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَسْلَفْنَا تَوْجِيهَهُ بِأَنَّ التَّنَجُّسَ بِالْمَوْتِ لَمَّا حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ قَبْلَهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي اللَّبَنِ وَقَدْ كَانَ طَاهِرًا فَيَبْقَى كَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُنَجِّسِ إذْ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ سِوَى الْخُرُوجُ مِنْ بَاطِنٍ إلَى ظَاهِرٍ، وَالْمُتَيَقَّنُ مِنْ الشَّرْعِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ تَغَيُّرَ وَصْفِهِ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنَّمَا قَالَا: تَنَجُّسُهُ بِالْمُجَاوَرَةِ لِلْوِعَاءِ النَّجِسِ وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْحُرْمَةِ، كَمَا لَوْ حَلَبَ فِي إنَاءٍ نَجِسٍ وَأَوْجَرَ بِهِ الصَّبِيَّ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ أَرَادَ التَّنَجُّسَ مَنَعْنَاهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَالْوَجُورُ: الدَّوَاءُ يُصَبُّ فِي الْحَلْقِ قَسْرًا بِفَتْحِ الْوَاوِ. وَالسَّعُوطُ صَبُّهُ فِي الْأَنْفِ. وَيُقَالُ أَوْجَرْته وَوَجْرَتهُ (قَوْلُهُ أَمَّا الْحُرْمَةُ فِي الْوَطْءِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى عَدَمِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهَا بِالْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ سَبَبَ الْحُرْمَةِ فِي الرَّضَاعِ الْإِنْبَاتُ وَالنُّشُوءُ بِوَاسِطَةِ التَّغَذِّي وَفِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةُ الْجُزْئِيَّةُ الْحَاصِلَةُ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْوَلَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ تُتَصَوَّرُ الْجُزْئِيَّةُ، بِخِلَافِ الْجُزْئِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي ارْتِضَاعِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا احْتَقَنَ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الصَّوَابُ حَقَنَ إذَا عُولِجَ بِالْحُقْنَةِ وَاحْتُقِنَ بِالضَّمِّ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: لَكِنْ ذَكَرَ فِي تَاجِ الْمَصَادِرِ الِاحْتِقَانُ حَقَنَهُ فَدَرَنَ فَجَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ انْتَهَى. يُرِيدُ أَنَّ مَنْعَ الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عَلَى مَا فِي الْمُغْرِبِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَإِذْ قَدْ نَصَّ صَاحِبُ تَاجِ الْمَصَادِرِ عَلَى مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ لَمْ يَكُنْ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ خَطَأً، وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي تَاجِ الْمَصَادِرِ مِنْ التَّفْسِيرِ لَا يُفِيدُ تَعْدِيَةَ الِافْتِعَالِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ كَالصَّبِيِّ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا احْتَقَنَ الصَّبِيُّ بَلْ إلَى الْحُقْنَةِ وَهِيَ آلَةُ الِاحْتِقَانِ وَالْكَلَامُ فِي بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الصَّبِيُّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ قَاصِرٍ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَجْرُورِ وَالظَّرْفِ كَجَلَسَ فِي الدَّارِ وَمَرَّ بِزَيْدٍ.

وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْبِنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْآلَةِ وَالظَّرْفِ جَوَازُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَفْعُولِ، بَلْ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا إلَيْهِ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ الِاحْتِقَانُ بِاللَّبَنِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُصُولِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْطَارِ فِي الْإِحْلِيلِ وَالْأُذُنِ وَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ كَذَا أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ. وَنَصَّ آخَرُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِالْحُقْنَةِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمَنَاطَ طَرِيقُ الْجُزْئِيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْوَاصِلِ مِنْ السَّافِلِ بَلْ إلَى الْمَعِدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>