أَوْ لِأَنَّ إفْسَادَ النِّكَاحِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِإِلْزَامِ الْمَهْرِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِسُقُوطِهِ، إلَّا أَنَّ نِصْفَ الْمَهْرِ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْمُتْعَةِ عَلَى
فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا قَصَدَتْ الْفَسَادَ وَمَا إذَا لَمْ تَقْصِدْهُ. وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّهَا: أَيْ الْكَبِيرَةَ وَإِنْ أَكَّدَتْ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ وَهُوَ نِصْفُ الْمَهْرِ بِأَنْ تَكْبَرَ الصَّغِيرَةُ فَتَفْعَلَ مَا يُسْقِطُهُ، وَذَلِكَ أَيْ تَأَكُّدُ مَا هُوَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ يَجْرِي مَجْرَى الْإِتْلَافِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا يَضْمَنُونَ نِصْفَ الْمَهْرِ لِذَلِكَ لَكِنَّهَا مُسَبِّبَةٌ فِيهِ لَا مُبَاشِرَةٌ؛ لِأَنَّ إلْقَامَ الثَّدْيِ شَرْطٌ لِلْفَسَادِ لَا عِلَّةٌ لَهُ، بَلْ الْعِلَّةُ فِعْلُ الصَّغِيرَةِ الِارْتِضَاعَ فَكَانَتْ الْكَبِيرَةُ مُبَاشِرَةً لِلشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، غَيْرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ كَوْنَهَا مُسَبِّبَةً بِأَنَّ فِعْلَ الْإِرْضَاعِ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِإِفْسَادِ النِّكَاحِ بَلْ لِتَغْذِيَةِ الصَّغِيرِ وَتَرْبِيَتِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْفَسَادُ بِاتِّفَاقِ صَيْرُورَتِهِمَا أُمًّا وَبِنْتًا تَحْتَ رَجُلٍ.
وَإِمَّا لِأَنَّ إفْسَادَ النِّكَاحِ الْكَائِنِ بِصُنْعِهَا لَيْسَ بِسَبَبٍ لِإِلْزَامِ الْمَهْرِ شَرْعًا بَلْ لِإِسْقَاطِهِ، ثُمَّ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ بِطَرِيقِ الْمُتْعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ وُجُوبَهُ لَا بِقِيَاسٍ بَلْ بِالنَّصِّ ابْتِدَاءً جَبْرًا لِلْإِيحَاشِ وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ بِطَرِيقِ الْمُتْعَةِ، لَكِنْ مِنْ شَرْطِهِ بُطْلَانُ النِّكَاحِ، وَقَدْ وُجِدَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّرْدِيدَ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي مُبَاشَرَةِ الْعِلَّةِ بِأَنْ يُقَالَ: الِارْتِضَاعُ لَيْسَ بِإِفْسَادِ النِّكَاحِ وَضْعًا، وَالْإِفْسَادُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِإِلْزَامِ الْمَهْرِ شَرْعًا بَلْ لِإِسْقَاطِهِ إلَخْ، وَلَيْسَ هُوَ مُسَبِّبًا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا مَا بَيَّنَّاهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُسَبِّبَةً يُشْتَرَطُ فِيهِ: أَيْ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ التَّعَدِّي كَحَفْرِ الْبِئْرِ تَسْبِيبٌ لِلْهَلَاكِ، فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَهُ لِلتَّعَدِّي فِيهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً بِمَجْمُوعِ الْعِلْمَيْنِ وَالْقَصْدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَوْجِيهَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِهَذَا لَا يَنْتَهِضُ عَلَى مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُسَبِّبَ كَالْمُبَاشِرِ وَلِهَذَا جَعَلَ فَتْحَ بَابِ الْقَفَصِ وَالْإِصْطَبْلِ وَحَلِّ قَيْدِ الْآبِقِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّهُ مُسَبِّبٌ فَيُشْتَرَطُ التَّعَدِّي وَهُوَ لَا يَلْتَزِمُ اشْتِرَاطَ التَّعَدِّي فِيهِ وَإِنَّمَا يَنْهَضُ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَنَّ الْمُسَبِّبَ لَا يَلْحَقُ بِالْمُبَاشِرِ. هَذَا وَاسْتُشْكِلَ التَّغْرِيمُ بِقَصْدِ الْفَسَادِ بِمَا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ زَوْجَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute