للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا عُرِفَ، لَكِنَّ مِنْ شَرْطِهِ إبْطَالَ النِّكَاحِ، وَإِذَا كَانَتْ مُسَبَّبَةً يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدِّي كَحَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ إنَّمَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً إذَا عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ وَقَصَدَتْ بِالْإِرْضَاعِ الْفَسَادَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ أَوْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ وَلَكِنَّهَا قَصَدَتْ دَفْعَ الْجُوعِ وَالْهَلَاكِ عَنْ الصَّغِيرَةِ دُونَ الْفَسَادِ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْفَسَادِ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً أَيْضًا، وَهَذَا مِنَّا اعْتِبَارُ الْجَهْلِ لِدَفْعِ قَصْدِ الْفَسَادِ لَا لِدَفْعِ الْحُكْمِ. .

آخَرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ قَتْلَهُ مُسْتَعْقِبٌ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ بِقَتْلِ وَاحِدٍ، وَلِلزَّوْجِ نَصِيبٌ مِمَّا هُوَ الْوَاجِبُ فَلَا يُضَاعَفُ عَلَيْهِ، وَبِمَا إذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّتَانِ لَهُمَا لَبَنٌ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ صَغِيرَتَيْنِ تَحْتَ رَجُلٍ حُرِّمَتَا عَلَى زَوْجِهِمَا وَلَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا وَإِنْ تَعَمَّدَتَا الْفَسَادَ.

وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ فِعْلَ الْكَبِيرَةِ هُنَا مُسْتَقِلٌّ بِالْإِفْسَادِ فَيُضَافُ الْإِفْسَادُ إلَيْهَا، وَفِعْلُ كُلٍّ مِنْ الْكَبِيرَتَيْنِ هُنَاكَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِهِ فَلَا يُضَافُ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَهُوَ يَقُومُ بِالْكَبِيرَةِ، وَقَدْ حُرِّفَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَوَقَعَ فِيهَا الْخَطَأُ وَذَلِكَ بِأَنْ قِيلَ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَتَانِ لَهُمَا مِنْهُ لَبَنٌ مَكَانَ قَوْلِنَا لَهُمَا لَبَنٌ مِنْ رَجُلٍ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الصَّوَابُ الضَّمَانُ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَفْسَدَتْ لِصَيْرُورَةِ كُلٍّ بِنْتًا لِلزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا مِنَّا اعْتِبَارُ الْجَهْلِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ الْجَهْلَ بِالْأَحْكَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عِنْدَكُمْ لَيْسَ عُذْرًا، فَقَالَ هَذَا مِنَّا اعْتِبَارُ الْجَهْلِ لِدَفْعِ قَصْدِ الْفَسَادِ الَّذِي هُوَ الْمَحْظُورُ الدِّينِيُّ لَا لِدَفْعِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الضَّمَانِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ قَصْدُ الْفَسَادِ انْتَفَى الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِثُبُوتِ التَّعَدِّي كَمَا قُلْنَا وَالتَّعَدِّي بِهِ يَكُونُ وَلَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِمَا ذَكَرْنَا، فَعَدَمُ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ لَا لِلْجَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ تَضْمَنُ إذَا عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْذَرُ بِجَهْلِ الْحُكْمِ، وَمِنْ فُرُوع هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ حُرِّمَتَا، فَلَوْ كُنَّ ثَلَاثًا فَأَرْضَعَتْهُنَّ بِأَنْ أَلْقَمَتْ ثِنْتَيْنِ ثَدْيَيْهَا وَأَوْجَرَتْ الْأُخْرَى مَا حَلَبَتْهُ حُرِّمْنَ أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ بَانَتْ الْأُولَيَانِ وَالثَّالِثَةُ امْرَأَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>