لَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي حَقِّ الْمَسْحِ، وَكَذَا بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ هُوَ الصَّحِيحُ.
(وَمَنْ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ وَهُوَ مُقِيمٌ فَسَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ لِأَنَّهُ لِلْغُسْلِ وَلَا مَاءَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ تَفْسُدُ انْتَهَى. لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ مَنْعَ الْخُفِّ بِمُدَّةٍ فَيَسْرِي الْحَدَثُ بَعْدَهَا إذْ لَا بَقَاءَ لَهَا مَعَ الْحَدَثِ، فَكَمَا يَقْطَعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لِيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ يَقْطَعُ عِنْدَ عَدَمِهِ لِيَتَيَمَّمَ لَا لِلرِّجْلَيْنِ فَقَطْ لِيَلْزَمَ رَفْوُ الْأَصْلِ بِالْخَلَفِ بَلْ لِلْكُلِّ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَيَصِيرُ مُحْدِثًا بِحَدَثِ الْقَدَمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِهِمَا ارْتَفَعَ كَمَنْ غَسَلَ ابْتِدَاءً الْأَعْضَاءَ إلَّا رِجْلَيْهِ وَفَنِيَ الْمَاءُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لَا لِلرِّجْلَيْنِ فَقَطْ وَإِلَّا لَكَانَ جَمْعُ الْخَلَفِ وَالْأَصْلِ ثَابِتًا فِي كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ بَلْ لِلْحَدَثِ الْقَائِمِ بِهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يُتِمَّ الْكُلَّ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنْ لَمْ يُصِبْ الرِّجْلَ حِسًّا لَكِنَّهُ يُصِيبُهَا حُكْمُ الطَّهَارَةِ عِنْدَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فَلَا يَصْلُحُ عَدَمُ الْمَاءِ مَانِعًا السِّرَايَةَ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا غَايَةً لَمَنْعِهِ.
وَعَلَى هَذَا فَمَا ذُكِرَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْزِعُ إذَا تَمَّتْ إذَا لَمْ يَخَفْ ذَهَابَهُمَا مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ فَإِنْ خَافَهُ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ خَوْفَ الْبَرْدِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ السِّرَايَةِ، كَمَا أَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُهَا، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ لَكِنْ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ هَذَا نَقَلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ تَأْوِيلَ الْمَسْحِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَسْحُ جَبِيرَةٍ لَا كَمَسْحِ الْخُفِّ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَوْعِبَ الْخُفَّ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى أَوْ أَكْثَرُهُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَفْهُومِ مِنْ اللَّفْظِ الْمُؤَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ مُسَمَّى الْجَبِيرَةِ يَصْدُقُ عَلَى سَاتِرٍ لَيْسَ تَحْتَهُ مَحَلُّ وَجَعٍ بَلْ عُضْوٌ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَخَافُ مِنْ كَشْفِهِ حُدُوثَ الْمَرَضِ لِلْبَرْدِ، وَيَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ كُلِّيَّةِ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ بِخَوْفِ الْبَرْدِ عَلَى عُضْوٍ وَاسْوِدَادِهِ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ تَرْكِهِ رَأْسًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ إعْطَاؤُهُمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ، هَذَا وَيَنْقُضُ الْمَسْحَ أَيْضًا غَسْلُ أَكْثَرِ الرِّجْلِ، وَفِيهِ مِنْ الْبَحْثِ مَا سَمِعْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ هُوَ الصَّحِيحُ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْهُ فِي الْإِمْلَاءِ بِخُرُوجِ نِصْفِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ مَحِلِّ الْفَرْضِ: أَعْنِي ثَلَاثَةَ أَصَابِعِ الْيَدِ لَا يُنْتَقَضُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْعَقِبِ: يَعْنِي إذَا أَخْرَجَهُ قَاصِدًا إخْرَاجَ الرِّجْلِ بَطَلَ الْمَسْحُ حَتَّى لَوْ بَدَا لَهُ إعَادَتُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute