مَسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا) عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَقْتِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ آخِرَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَكْمَلَ الْمُدَّةَ لِلْإِقَامَةِ ثُمَّ سَافَرَ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَدْ سَرَى إلَى الْقَدَمِ وَالْخُفُّ لَيْسَ بِرَافِعٍ (وَلَوْ أَقَامَ وَهُوَ مُسَافِرٌ إنْ اسْتَكْمَلَ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ نَزَعَ) لِأَنَّ رُخْصَةَ السَّفَرِ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ أَتَمَّهَا) لِأَنَّ هَذِهِ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُقِيمٌ.
قَالَ (وَمَنْ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ فَوْقَ الْخُفِّ مَسَحَ عَلَيْهِ) خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ ﵀ فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْبَدَلُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَلٌ.
فَأَعَادَهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَعْرَجُ يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَقَدْ ارْتَفَعَ عَقِبُهُ عَنْ مَوْضِعِ عَقِبِ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ لَا يَمْسَحُ، وَإِلَى مَا دُونَهُ يَمْسَحُ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا يَرْتَفِعُ الْعَقِبُ بِرَفْعِ الرِّجْلِ إلَى السَّاقِ وَيَعُودُ بِوَضْعِهَا فَلَا يُمْنَعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الْبَاقِي بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِيهِ فَكَذَلِكَ لَا يُنْتَقَضُ، وَهَذَا فِي التَّحْقِيقِ هُوَ مَرْمَى نَظَرِ الْكُلِّ، فَمَنْ نَقَضَ بِخُرُوجِ الْعَقِبِ لَيْسَ إلَّا لِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَعَ حُلُولِ الْعَقِبِ بِالسَّاقِ لَا يُمْكِنُهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ وَقَطْعُ الْمَسَافَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ تَعُودُ إلَى مَحِلِّهَا عِنْدَ الْوَضْعِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَكْثَرِ فَلِظَنِّهِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مَنُوطٌ بِهِ وَكَذَا مَنْ قَالَ بِكَوْنِ الْبَاقِي قَدْرَ الْفَرْضِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ إنَّمَا تُبْنَى عَلَى الْمُشَاهَدَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْلَى لِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقِبِ فِي السَّاقِ يُقْلِقُ عَنْ مُدَاوَمَةِ الْمَشْيِ دَوْسًا عَلَى السَّاقِ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ مَسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا) سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ كَمَالِ مُدَّةِ الْمُقِيمِ، وَفِي الثَّانِي خِلَافُ الشَّافِعِيِّ. لَنَا الْعَمَلُ بِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ ﵊ «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ» الْحَدِيثَ، وَهَذَا مُسَافِرٌ فَيَمْسَحُهَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ كَمَالُ مُدَّةِ الْمُقِيمِ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَدْ سَرَى إلَى الْقَدَمِ، وَإِنَّمَا يُمْسَحُ عَلَى خُفِّ رِجْلٍ لَا حَدَثَ فِيهَا إجْمَاعًا، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ اُبْتُدِئَتْ حَالَةَ الْإِقَامَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا حَالَةُ الِابْتِدَاءِ كَصَلَاةٍ ابْتَدَأَهَا مُقِيمًا فِي سَفِينَةٍ فَسَافَرَتْ وَصَوْمٍ شَرَعَ فِيهِ مُقِيمًا فَسَافَرَ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ فَغَنِيٌّ عَنْ تُكَلِّفْ الْفَرْقِ لِعَدَمِ ظُهُورِ وَجْهِ الْجَمْعِ بِالْمُشْتَرِكِ الْمُؤَثَّرِ فِي الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ فَوْقَ الْخُفِّ مَسَحَ عَلَيْهِ) إذَا لَبِسَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ، فَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَهُ وَهُوَ لَابِسٌ الْخُفَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute