للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا يَصِحُّ قِرَانُ الْعَدَدِ بِهِ فَيَكُونَ نَصَبًا عَلَى التَّمْيِيزِ. وَلَنَا أَنَّهُ نَعْتٌ فَرْدٌ حَتَّى قِيلَ لِلْمُثَنَّى طَالِقَانِ وَلِلثَّلَاثِ طَوَالِقُ فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ، وَذِكْرُ الطَّالِقِ

وَزُفَرَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ نَوَى مُحْتَمِلٌ لَفْظَهُ، فَإِنْ ذَكَرَ الطَّالِقُ ذِكْرَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْوَصْفَ كَالْفِعْلِ جُزْءُ مَفْهُومِهِ الْمَصْدَرُ وَهُوَ يَحْتَمِلُهُ اتِّفَاقًا (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ ذِكْرَهُ ذِكْرَ الطَّلَاقِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (صَحَّ قِرَانُ الْعَدَدِ بِهِ تَفْسِيرًا حَتَّى يُنْصَبَ عَلَى التَّمْيِيزِ) وَحَاصِلُ التَّمْيِيزِ لَيْسَ إلَّا تَعْيِينَ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتٍ لِلَّفْظِ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيثُ «رُكَانَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْبَتَّةَ، قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا النَّبِيُّ » وَأَيْضًا إذَا صَحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ وَهُوَ كِنَايَةٌ فَفِي الصَّرِيحِ الْأَقْوَى أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ نَعْتٌ فَرْدٌ) قِيلَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي الْمَرْأَةِ الْمَوْصُوفَةِ أَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْعَدَدَ عَلَى مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى قِيلَ لِلْمُثَنَّى طَالِقَانِ وَالثَّلَاثِ طَوَالِقُ بَلْ فِي الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي تَضْمَنَّهُ وَوَحْدَتُهُ لَا تَمْنَعُ احْتِمَالَ الْعَدَدِ بِجِنْسِيَّتِهِ. وَتَحْرِيرُ التَّقْرِيرِ أَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا أُرِيدَ مِنْ قَيْدِ النِّكَاحِ كَانَ مَعْنَاهُ لُغَةً وَصْفَهَا بِانْطِلَاقِهَا مِنْ قَيْدِ النِّكَاحِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِهِ فَصِدْقُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّطْلِيقِ، وَالْمُتَيَقَّنُ أَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهُ مُطَلِّقًا عِنْدَ هَذَا الْكَلَامِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَثْبَتَهُ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِإِخْبَارِهِ فَلَا يَتَجَاوَزُ الْوَاحِدَةَ إذْ الضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِهَا وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ لِذَلِكَ أَوْ نَقَلَهُ مِنْ الْإِخْبَارِ إلَى الْإِنْشَاءِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِمُوجِبِ نَقْلٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ لِأَنَّ جَعْلَهُ مُوقِعًا لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْلَهُ لِأَنَّ بِإِثْبَاتِهِ اقْتِضَاءً يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَيُعْتَرَضُ بِالْقَطْعِ بِتَخَلُّفِ لَازِمِ الْإِخْبَارِ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ أَنْتِ طَالِقٌ قَطُّ احْتِمَالُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَلَزِمَ تَحَقُّقُ النَّقْلِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: إنَّهُ إخْبَارٌ مِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ، بَلْ هُوَ إنْشَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِمَا قُلْنَا.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ الْمَعْلُومِ مِنْ الشَّرْعِ جَعْلُهُ مُوقِعًا وَاحِدَةً فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ إلَى إنْشَاءِ إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ فَجَعْلُهُ مُوقِعًا بِهِ مَا شَاءَ اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُنْقَلَ أَنَّ الشَّارِعَ نَقَلَهُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ وَلَيْسَ فَلَا يُرَادُ بِهِ وَمُلَاحَظَةُ مَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْمَصْدَرِ كَمَا ذَكَرْتُمْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَنْ إرَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ وَنَقْلُهُ إلَى الْإِنْشَاءِ يُبَايِنُهُ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ اللَّفْظَ عِلَّةً لِدُخُولِ الْمَعْنَى الْخَاصِّ فِي الْوُجُودِ الْمُخَالِفِ لِمُقْتَضَاهُ لُغَةً، عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ هُوَ الِانْطِلَاقُ الَّذِي هُوَ وَصْفُهَا، وَذَلِكَ لَا يَتَعَدَّدُ أَصْلًا بَلْ يَخْتَلِفُ بِالْكَيْفِيَّةِ وَبَيْنَ مَا يَعْقُبُهُ الرَّجْعَةُ شَرْعًا وَمَا لَا لَا فِي الْكَمِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ يَتَّفِقُ كَلَامُهُمْ هُنَا، وَفِي الْبَيْعِ حَيْثُ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ بِعْت إنْشَاءً حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الصِّيغَةَ.

وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِخْبَارِ وَضْعًا فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>