(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِي الطَّلَاقَ أُخْرَى يُصَدَّقُ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْإِيقَاعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَتَقَعُ رَجْعِيَّتَانِ إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا.
(وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَتِهَا أَوْ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ) لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى مَحِلِّهِ، وَذَلِكَ (مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ) لِأَنَّ التَّاءَ ضَمِيرُ الْمَرْأَةِ (أَوْ) يَقُولَ (رَقَبَتُكِ طَالِقٌ أَوْ عُنُقُك) طَالِقٌ أَوْ رَأْسُك طَالِقٌ (أَوْ رُوحُك أَوْ بَدَنُك أَوْ جَسَدُك أَوْ فَرْجُك أَوْ وَجْهُك) لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ. أَمَّا الْجَسَدُ وَالْبَدَنُ فَظَاهِرٌ وَكَذَا غَيْرُهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ وَقَالَ ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ وَقَالَ ﵊
يَجِبُ فِي مِثْلِهِ مِنْ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إلَى الِاحْتِمَالِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَقَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِي الطَّلَاقَ أُخْرَى يَصْدُقُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِطَالِقٍ طَلَاقًا أَوْ الطَّلَاقَ ثِنْتَيْنِ لَا يَصِحُّ فَأَفَادَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُمَا بِالتَّوْزِيعِ صَحَّ. وَوَجْهُهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْإِيقَاعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَاقٌ فَتَقَعُ رَجْعِيَّتَانِ إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا) وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَمَنَعَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ طَالِقًا نَعْتٌ وَطَلَاقًا مَصْدَرُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَكَذَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ.
وَيُؤَيِّدُ أَنَّ طَلَاقًا نُصِبَ وَلَا يُدْفَعُ بَعْدَ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لِتَعَدُّدِهِ وَصِحَّةِ الْإِرَادَةِ بِهِ إلَّا بِإِهْدَارِ لُزُومِ صِحَّةِ الْإِعْرَابِ فِي الْإِيقَاعِ مِنْ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، وَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّشْبِيهِ أَنْ يُقَالَ: فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقٌ لَا طَالِقٌ وَطَلَاقٌ وَإِنْ صَحَّ الْآخَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَتِهَا أَوْ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ وَقَعَ) وَمِثْلُ الْمُضَافِ إلَى الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَالْمُضَافُ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ بِرَقَبَتُك طَالِقٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِمَا مَعًا إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ مِنْ لَفْظِ أَنْتِ وَرَقَبَتُك إلَخْ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ إمَّا بِالْوَضْعِ أَوْ بِالتَّجَوُّزِ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ التَّاءَ ضَمِيرُ الْمَرْأَةِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي أَنْتِ أَنَّهُ بِرُمَّتِهِ ضَمِيرٌ أَوْ التَّاءَ وَأَنَّ عِمَادَ أَوْ إنَّ وَاللَّوَاحِقَ حُرُوفٌ تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ: رَقَبَتُك طَالِقٌ أَوْ عُنُقُك أَوْ رُوحُك أَوْ بَدَنُك أَوْ جَسَدُك أَوْ فَرْجُك أَوْ وَجْهُك) هَذِهِ أَمْثِلَةُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ كُلِّ الْإِنْسَانِ وَذِكْرُ اسْتِعْمَالَاتِهَا فِيهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» فَغَرِيبٌ جِدًّا، وَأَبْعَدَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ حَيْثُ اسْتَشْهَدَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَوَاتِ الْفُرُوجِ أَنْ يَرْكَبْنَ السُّرُوجَ» وَضَعَّفَهُ، وَأَيْنَ لَفْظُ ذَاتِ الْفَرْجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute