وَمَا هَذَا حَالُهُ يَكُونُ مَحِلًّا لِحُكْمِ النِّكَاحِ فَيَكُونَ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ فَيَثْبُتَ الْحُكْمُ فِيهِ قَضِيَّةً لِلْإِضَافَةِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ كَمَا فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُضِيفَ إلَيْهِ النِّكَاحُ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ مُمْتَنِعٌ إذْ الْحُرْمَةُ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ تُغَلِّبُ الْحِلَّ فِي هَذَا الْجُزْءِ وَفِي الطَّلَاقِ الْأَمْرُ عَلَى الْقَلْبِ.
وَلَنَا أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ فَيَلْغُوَ كَمَا إذَا أَضَافَهُ إلَى رِيقِهَا أَوْ ظُفُرِهَا، وَهَذَا لِأَنَّ مَحِلَّ الطَّلَاقِ مَا يَكُونُ فِيهِ الْقَيْدُ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ رَفْعِ الْقَيْدِ وَلَا قَيْدَ فِي الْيَدِ وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ إضَافَةُ النِّكَاحِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ لِأَنَّهُ مَحِلٌّ لِلنِّكَاحِ عِنْدَنَا حَتَّى تَصِحَّ إضَافَتُهُ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ.
النِّكَاحِ فَجُعِلَ صُغْرًى وَيُضَمُّ إلَيْهَا، وَمَا كَانَ مَحِلًّا لِحُكْمِ النِّكَاحِ يَكُونُ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ يَنْتِجُ الْجُزْءُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ مَحِلٌّ لِلطَّلَاقِ، وَالْقِيَاسُ الْفِقْهِيُّ جُزْءٌ هُوَ مَحِلٌّ لِحُكْمِ النِّكَاحِ فَيَكُونَ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ كَالْجُزْءِ الشَّائِعِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ، فَقِيلَ يَقَعُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا فِي الْعِتْقِ.
قَالَ: الْغَزَالِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: يُجْعَلُ الْجُزْءُ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْكُلِّ فَيَقَعَ بِاللَّفْظِ، قَالُوا: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقَطَعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ، إنْ قُلْنَا بِالسَّرَايَةِ لَا يَقَعُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْعِبَارَةِ عَنْ الْكُلِّ يَقَعُ (قَوْلُهُ وَلَنَا إلَخْ) حَاصِلُهُ مَنْعُ مَحَلِّيَّتِهِ لِلطَّلَاقِ بِمَنْعِ عَلِيَّةِ كَوْنِهِ مَحِلًّا لِلْحِلِّ لِكَوْنِهِ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ بَلْ مَحِلُّهُ مَا فِيهِ قَيْدُ النِّكَاحِ وَالْقَيْدُ وَهُوَ مَنْعُهَا مِنْ الْفِعْلِ مَعَ الْغَيْرِ وَأَمْرُهَا بِهِ مَعَهُ: أَيْ تَسْلِيمُهَا نَفْسَهَا، وَعَنْهُ كَانَ تَخْصِيصُهَا بِهِ هُوَ حُكْمُ النِّكَاحِ أَوَّلًا ثُمَّ يَثْبُتُ الْحِلُّ تَبَعًا لَهُ حُكْمًا لِهَذَا الْحُكْمِ، وَالطَّلَاقُ يُنْبِئُ عَنْ رَفْعِ الْقَيْدِ فَيَكُونَ وَضْعُهُ لِرَفْعِ ذَلِكَ، وَيَرْتَفِعُ الْحِلُّ تَبَعًا لِرَفْعِهِ كَمَا ثَبَتَ تَبَعًا لِثُبُوتِهِ، وَهَذَا الْقَيْدُ الْمَعْنَوِيُّ لَيْسَ فِي الْبَلَدِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْهُوِيَّةِ لِأَنَّ الْمَنْعَ خِطَابٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَجْزَاءِ الْخَارِجِيَّةِ بَلْ بِمُسَمَّى الْعَاقِلِ الْمُكَلَّفِ وَلِهَذَا جَازَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَدٌ، وَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْأَجْزَاءِ الْمُعَيَّنَةِ تَبَعٌ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ إذْ لَا وُجُودَ لِلْمُسَمَّى بِدُونِهِ فَكَانَ مَحِلًّا لِلنِّكَاحِ فَكَذَا الطَّلَاقُ، وَوُقُوعُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الرَّأْسِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْكُلِّ لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ مُقْتَصِرًا.
وَلِذَا نَقُولُ: لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: عَنَيْت الرَّأْسَ مُقْتَصِرًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَقَعُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا فِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عُرْفًا مُشْتَهِرًا لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت بِالْيَدِ صَاحِبَهَا كَمَا أَرَادَ عَزَّ قَائِلًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ قَائِلًا ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ أَيْ قَدَّمَتْ وَعَنَاهُ ﷺ فِي قَوْلِهِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» وَتَعَارَفَ قَوْمٌ التَّعْبِيرَ بِهَا عَنْ الْكُلِّ وَقَعَ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute