للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تَطْلُقُ حِينَ سَكَتَ) لِأَنَّ كَلِمَةَ إذَا لِلْوَقْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ وَقَالَ قَائِلُهُمْ:

وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا … وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبٌ

فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَتَى وَمَتَى مَا، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ لَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ

الْوُقُوعَ فِي آخِرِ جُزْءٍ لَا يَتَجَزَّأُ فَلَمْ يَلِهِ إلَّا الْمَوْتُ وَبِهِ تَبَيَّنَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تَطْلُقُ حِينَ سَكَتَ) لِأَنَّ كَلِمَةَ إذَا لِلْوَقْتِ كَكَلِمَةِ مَتَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ وَقَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ ابْنُ أَحْمَرَ أَوْ حَرِيُّ بْنُ ضَمْرَةَ:

(وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا … وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبُ)

يَعْنِي أَخَاهُ الصَّغِيرَ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ لَعَنْتَرَةُ الْعَبْسِيُّ فَخَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّأْنِ لِانْتِفَائِهِ مِنْ دِيوَانِهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لِعَنْتَرَةَ أَخٌ اسْمُهُ جُنْدُبٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا لَهُ أَخٌ مِنْ أُمِّهِ اسْمُهُ شَيْبُوبٌ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ بِحَيْثُ تُوَاكِلُ إيَّاهُ شَدَّادًا حَيْسًا لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى قِصَّتِهِ.

وَقَبْلَ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ:

هَلْ فِي الْقَضِيَّةِ أَنْ إذَا اسْتَغْنَيْتُمْ … وَأَمِنْتُمْ فَأَنَا الْبَعِيدُ الْأَجْنَبُ

وَإِذَا الشَّدَائِدُ بِالشَّدَائِدِ مَرَّةً … أَشَجَّتْكُمْ فَأَنَا الْمُحَبُّ الْأَقْرَبُ

وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا … وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبُ

هَذَا وَجَدِّكُمْ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ … لَا أُمَّ لِي إنْ كَانَ ذَاكَ وَلَا أَبُ

عَجَبٌ لِتِلْكَ قَضِيَّةٍ وَإِقَامَتِي … فِيكُمْ عَلَى تِلْكَ الْقَضِيَّةِ أَعْجَبُ

وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْآيَةِ وَالْبَيْتِ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَجَوَابُ الْأَوَّلِ عَلِمْت وَجَوَابُ الثَّانِي أُدْعَى وَيُدْعَى، وَأَيْضًا تَنْظِيرُهُ لَهَا بِمَتَى غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَحَّضُ لِلْوَقْتِ أَبَدًا، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِلْوَقْتِ يَعْنِي الْمَحْضَ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ مَطْلُوبِهِمَا عَلَيْهِ، بَلْ الْمَنْقُولُ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>