للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِرِّ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ لِأَنَّ الْبِرَّ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَلَا يُمْكِنُهُ تَحْقِيقُ الْبِرِّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْقَدْرَ مُسْتَثْنًى، أَصْلُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَاشْتَغَلَ بِالنَّقْلَةِ مِنْ سَاعَتِهِ وَأَخَوَاتُهُ عَلَى مَا يَأْتِيك فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْيَوْمَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ وَإِذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ يَمْتَدُّ كَالصَّوْمِ وَالْأَمْرِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمِعْيَارُ، وَهَذَا أَلْيَقُ بِهِ، وَيُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَالطَّلَاقُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَيَنْتَظِمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.

الْبِرِّ مُسْتَثْنًى بِدَلَالَةِ حَالِ الْحَالِفِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْقَدُ لِلْبِرِّ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يُمَكِّنُهُ تَحْقِيقَ الْبِرِّ فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ (أَصْلُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ سَاكِنُهَا فَاشْتَغَلَ بِالنَّقْلَةِ مِنْ سَاعَتِهِ) بَرَّ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ، فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ هُنَا النَّظِيرُ لَا أَصْلُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْكُلَّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ: لِامْرَأَةِ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ لِأَنَّ الْيَوْمَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ حَرَامٌ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَالْأَفْعَالُ مِنْهَا مَا يَمْتَدُّ وَهُوَ مَا صَحَّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ كَالسَّيْرِ وَالرُّكُوبِ وَالصَّوْمِ وَتَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ وَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَاخْتَارِي نَفْسَك يَوْمَ يَقْدَمُ فَيَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَيَاضِ النَّهَارِ، فَلَوْ قَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا لَا خِيَارَ لَهَا أَوْ نَهَارًا دَخَلَ الْأَمْرُ فِي يَدِهَا إلَى الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَدَّ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ دُونَ حَرْفٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ تَقْدِيرًا وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي بَيَاضِ النَّهَارِ فَيَبْقَى مَعَهُ إلَى أَنْ يَتَعَيَّنَ خِلَافُهُ كَقَوْلِك أَحْسِنْ الظَّنَّ بِاَللَّهِ يَوْمَ تَمُوتُ وَارْكَبْ يَوْمَ يَأْتِي الْعَدُوُّ.

وَمِنْهَا مَا لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ مَا لَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ كَالطَّلَاقِ وَالتَّزَوُّجِ وَالْعَتَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْقُدُومِ وَالْخُرُوجِ فَيَجِبُ حَمْلُ الْيَوْمِ مَعَهُ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمُدَّةِ لَهُ لَغْوٌ إذْ لَا يَحْتَمِلُهُ (وَالطَّلَاقُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) فَيَقَعُ لَيْلًا تَزَوَّجَهَا أَوْ نَهَارًا، كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ، وَفِي الْأَصْلِ التَّزَوُّجُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قِيلَ كَأَنَّهُ غَلَطٌ، وَالصَّحِيحُ الطَّلَاقُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الصَّحِيحُ التَّزَوُّجُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، قَالَ: كَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ شَيْخِي، وَلِأَنَّهُ اعْتَبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>