للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْحُكْمِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَالْمَذْكُورُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمُعَلَّقُ بِهِ التَّطْلِيقُ لِأَنَّ فِي التَّعْلِيقَاتِ يَصِيرُ التَّصَرُّفُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ عِنْدَنَا، وَإِذَا كَانَ التَّطْلِيقُ مُعَلَّقًا بِالْإِعْتَاقِ أَوْ الْعِتْقِ يُوجَدُ بَعْدَهُ ثُمَّ الطَّلَاقُ يُوجَدُ بَعْدَ التَّطْلِيقِ فَيَكُونَ الطَّلَاقُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعِتْقِ فَيُصَادِفَهَا وَهِيَ حُرَّةً فَلَا تَحْرُمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً بِالثِّنْتَيْنِ. بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ كَلِمَةَ مَعَ لِلْقِرَانِ. قُلْنَا: قَدْ تُذْكَرُ لِلتَّأَخُّرِ كَمَا

وَاحِدٍ، وَالْإِعْتَاقُ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِلْعِتْقِ مِنْ اسْتِعَارَةِ اسْمِ الْحُكْمِ لِلْعِلَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَإِعْمَالُهُ فِي لَفْظِ إيَّاكَ عَلَى اعْتِبَارِ إرَادَةِ الْفِعْلِ بِهِ إعْمَالُ الْمُسْتَعَارِ لِلْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى اعْتِبَارِ إعْمَالِ اسْمِ الْمَصْدَرِ كَأَعْجَبَنِي كَلَامُك زَيْدًا، وَأَمَّا عَلَى التَّجْوِيزِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ أَثَرٌ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّهُ قَاصِرٌ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ فِي الْمَفْعُولِ الْمُتَعَدِّي وَجُعِلَ الْعَامِلُ الْعِتْقَ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ يَرُدُّهُ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ فَلَمْ يَكُنْ التَّعْلِيقُ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ فَقَطْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ، بَلْ عَنْ الْعِتْقِ، هَذَا مَعْنَى الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْكَافِي لِحَافِظِ الدِّينِ، وَالْعَجَبُ مِمَّا نَقَلَ فِي جَوَابِهِ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ بِمُشْكِلٍ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِّقَ التَّطْلِيقُ بِالْإِعْتَاقِ يَلْزَمُ مِنْهُ تَعْلِيقُهُ بِالْعِتْقِ الْحَاصِلِ مِنْهُ وَأَيْنَ هَذَا مِنْ صِحَّةِ الْإِعْمَالِ. وَأَيْضًا كَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِعْتَاقِ، وَالْعِتْقُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ.

وَحَاصِلُ تَقْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَعَ قَدْ تُذْكَرُ لِلْمُتَأَخِّرِ تَنْزِيلًا لَا مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ بَعْدَهُ وَنَفْيِ الرَّيْبِ عَنْهُ كَمَا فِي الْآيَةِ ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ فَصَارَتْ إنَّ مُحْتَمِلَةً لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَتُهَا خِلَافَهُ فَيُصَارَ إلَيْهِ بِمُوجِبٍ وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَهُوَ إنَاطَةُ ثُبُوتِ حُكْمٍ عَلَى ثُبُوتِ مَعْنَى مَدْخُولِهَا الْمَعْدُومِ حَالَ التَّكَلُّمِ وَهُوَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَإِنَّ الْإِنَاطَةَ كَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَمَعْنَى مَدْخُولِهَا الْمَعْدُومِ كَائِنًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُنَاطٌ بِوُجُودِ حُكْمٍ هُوَ مَعْنَى الشَّرْطِ فَلَزِمَ كَوْنُ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْعِتْقِ شَرْطًا لِلتَّطْلِيقِ، فَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ فَيُوجَدَ تَطْلِيقُ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَهُ مُقَارِنًا لِلْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَيَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ التَّطْلِيقِ بَعْدَهُ فَيُصَادِفَهَا حُرَّةً فَيَمْلِكَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فَأَظْهَرُ، هَذَا تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ.

وَقِيلَ عَلَيْهِ الْمَعْلُولُ مَعَ الْعِلَّةِ يَقْتَرِنَانِ كَالْكَسْرِ مَعَ الِانْكِسَارِ فِي الْخَارِجِ، فَالْعِتْقُ مَعَ الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقُ مَعَ التَّطْلِيقِ يَقْتَرِنَانِ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ قَرَنَ الطَّلَاقَ بِالْإِعْتَاقِ فَيَكُونُ مَقْرُونًا بِالْعِتْقِ وَهُوَ ضِدُّ الرِّقِّ، وَوُجُودُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ مُسْتَلْزِمٌ زَوَالَ الضِّدِّ الْآخَرِ، وَلَا يَنْبَنِي زَوَالُهُ عَلَى وُجُودِ الْآخَرِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: وُجِدَ السُّكُونُ فَزَالَتْ الْحَرَكَةُ أَوْ وُجِدَ الْحَرَكَةُ فَزَالَ السُّكُونُ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ، بَلْ وُجُودُ أَحَدِهِمَا يَقْتَرِنُ بِزَوَالِ الْآخَرِ فَيَثْبُتُ زَوَالُ الرِّقِّ مَعَ الْعِتْقِ فَيَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا حَالَ وُجُودِ الْعِتْقِ وَهِيَ حَالَةُ زَوَالِ الرِّقِّ، فَلَا تُوجِبُ التَّطْلِيقَتَانِ حُرْمَةً غَلِيظَةً فِي الْحُرَّةِ فَيَمْلِكَ الرَّجْعَةَ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>