للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ فَتُحْمَلَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ.

(وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَقَالَ الْمَوْلَى: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَجَاءَ الْغَدُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: زَوْجُهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) عَلَيْهَا، لِأَنَّ الزَّوْجَ قَرَنَ الْإِيقَاعَ بِإِعْتَاقِ الْمَوْلَى حَيْثُ عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْمَوْلَى الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْمُعَلَّقُ سَبَبًا عِنْدَ الشَّرْطِ وَالْعِتْقُ يُقَارِنُ الْإِعْتَاقَ لِأَنَّهُ عِلَّتُهُ

يَنْبَنِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ يَقْتَرِنَانِ فِي الْخَارِجِ أَوْ يَتَعَقَّبُهُمَا بِلَا فَصْلٍ وَعَلَى أَنَّ حَالَةَ الدُّخُولِ فِي الْوُجُودِ كَحَالَةِ الْوُجُودِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ وَعَدَمِ خُرُوجِ مَعَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ، وَأَطْبَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ زَمَنَ ثُبُوتِهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى خُرُوجِهَا وَتَقَرُّرَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ يَعْقُبُهُ إذَا لَيْسَ هُوَ عِلَّةً، فَلَيْسَ الْعِتْقُ عِلَّةً لِلطَّلَاقِ بَلْ عِلَّةُ الطَّلَاقِ تَعْمَلُ عِنْدَهُ، وَسَنَذْكُرُ مَا عِنْدَنَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ. وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ نِكَاحِك حَيْثُ يَأْتِي فِيهِ التَّقْرِيرُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إذَا تَزَوَّجَهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لِلْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ مِلْكِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْيَمِينَ، فَإِذَا لَزِمَ بِذِكْرِ حُرُوفِهِ: أَعْنِي إنْ وَنَحْوَهُ بِأَنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ صَحَّ ضَرُورَةً صِحَّةُ الْيَمِينِ، وَمَرْجِعُ هَذَا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ الصَّرِيحَ قَبْلَ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الدَّلِيلُ إنَّمَا قَامَ عَلَى مِلْكِهِ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ إلَى الْمِلْكِ فَتَعَلَّقَ بِمَا يُوجِبُ مَعْنَاهَا كَيْفَمَا كَانَ اللَّفْظُ، وَالتَّقْيِيدُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَعْنَى تَحَكَّمَ وَلِذَا قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: هَذَا الْجَوَابُ لَمْ يَتَّضِحْ لِي فَإِنَّهُ يَمْلِكُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ كَلَامِهِ عَلَى اعْتِبَارِ مَعْنَى الشَّرْطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَيْ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ، وَقَالَ لَهَا الْمَوْلَى: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَجَاءَ الْغَدُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: زَوْجُهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) وَلَمْ يَذْكُرْ الِاخْتِلَافَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ بَلْ عَلَى رِوَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ. وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَ قَرَنَ الْإِيقَاعَ بِإِعْتَاقِ الْمَوْلَى حَيْثُ عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْمَوْلَى عِتْقَهَا، وَالْمُعَلَّقُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا عِنْدَ الشَّرْطِ (وَالْعِتْقُ يُقَارِنُ الْإِعْتَاقَ لِأَنَّهُ عِلَّتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>