وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى (وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَاحِدَةً كَانَ بَاطِلًا) لِأَنَّهُ قَرَنَ الْوَصْفَ بِالْعَدَدِ فَكَانَ الْوَاقِعُ هُوَ الْعَدَدَ، فَإِذَا مَاتَتْ قَبْلَ ذِكْرِ الْعَدَدِ فَاتَ الْمَحَلُّ قَبْلَ الْإِيقَاعِ فَبَطَلَ (وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) لِمَا بَيَّنَّا وَهَذِهِ تُجَانِسُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ شَيْئَيْنِ وَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الظَّرْفِ إنْ قَرَنَهَا بِهَاءِ الْكِنَايَةِ كَانَ صِفَةً لِلْمَذْكُورِ آخِرًا كَقَوْلِهِ: جَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَهُ عَمْرٌو، وَإِنْ لَمْ يَقْرِنْهَا بِهَاءِ الْكِنَايَةِ كَانَ
الطَّرِيقَةِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي التَّعْبِيرِ لُغَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ شَرْعًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَنْفِ حُكْمَهُ إذَا تَكَلَّمَ بِهِ. وَذَكَر شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافَ زُفَرَ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِوُجُودِ الْعَطْفِ فَيَسْبِقُ الْوَاقِعُ الْأَوَّلَ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إحْدَى عَشَرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ الْعَاطِفِ وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ: شِئْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً لِأَنَّ تَمَامَ الشَّرْطِ بِآخِرِ كَلَامِهَا، وَمَا لَمْ يَتِمَّ الشَّرْطُ لَا يَقَعُ الْجَزَاءُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ حَكَى بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَبَيَّنَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الْكَلَامِ الثَّانِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يُلْحِقَ بِكَلَامِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً وَرَجَّحَ فِي أُصُولِهِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَا يَفُوتُ الْمَحَلُّ، فَلَوْ تَوَقَّفَ وُقُوعُ الْأُولَى عَلَى التَّكَلُّمِ بِالثَّانِيَةِ لَوَقَعَا جَمِيعًا لِوُجُودِ الْمَحَلِّ لِلثَّلَاثِ حَالَ التَّكَلُّمِ بِهَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّظَرَ إلَى تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ بِتَجْوِيزِ أَنْ يَلْحَقَهُ مُغَيِّرٌ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ تَأَخُّرُ ظُهُورِ وَقْتِ الْوُقُوعِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِذَا لَمْ يُلْحِقْ تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ مِنْ حِينِ تَلَفَّظَ بِالْأَوَّلِ، وَهَذَا لَا يَنْفِيه أَبُو يُوسُفَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ (تُجَانِسُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى) وَهُوَ فَوَاتُ الْمَحَلِّ عِنْدَ الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ فَوَاتَهُ فِي هَذِهِ بِالْمَوْتِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَفِيمَا قَبْلَهَا بِالطَّلَاقِ فَيَقَعُ الْأَوَّلُ دُونَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ شَيْئَيْنِ وَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا ظَرْفًا إنْ قَرَنَهَا بِهَاءِ الْكِنَايَةِ) أَيْ أُضِيفَتْ كَلِمَةُ الظَّرْفِ إلَى ضَمِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute