للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَقْتَضِي سَبْقَ الْمُكَنَّى عَنْهُ لَا مَحَالَةَ، وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا تَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِقِيَامِ الْمَحَلِّيَّةِ بَعْدَ وُقُوعِ الْأُولَى

(وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تَقَعُ ثِنْتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ) بِالِاتِّفَاقِ. لَهُمَا أَنَّ حَرْفَ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَتَعَلَّقْنَ جُمْلَةً كَمَا إذَا نَصَّ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ.

وَصُوَرُهُ ثَلَاثٌ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا ذَكَرَ بِلَفْظِ " قَبْلَ " أَوْ جَمِيعُهُ بِلَفْظِ بَعْدَ أَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَفِي الْجَمْعِ كَالْبَيْتِ يُلْغِي قَبْلَ بِبَعْدِ فَيَبْقَى شَهْرٌ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَقَعُ فِي شَوَّالٍ، وَفِي نَحْوِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ أُخْرَى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ لَفْظَةَ قَبْلَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بَعْدُ كَمَا فِي الْبَيْتِ وَقَدْ عَرَفْتَ حُكْمَهُ. أَوْ لَا يَتَخَلَّلُ بَلْ يَكُونُ الْمَذْكُورُ مَحْضَ قَبْلُ نَحْوُ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَيَقَعُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَمِنْ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ لَفْظَةَ بَعْدَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا قَبْلُ قُلِبَ الْبَيْتُ. وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُلْغِي بَعْدَ بِقَبْلَ فَيَبْقَى شَهْرٌ بَعْدَ رَمَضَانَ فَيَقَعُ فِي شَعْبَانَ، أَوْ لَا يَتَخَلَّلُ بَلْ الْمَذْكُورُ مَحْضُ بَعْدُ نَحْوُ فِي شَهْرٍ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ فَيَقَعُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي: قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَقَبْلَهَا وَاحِدَةٌ وَبَعْدَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ هُوَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. أَمَّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَيَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا: أَيْ فِي قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَقَبْلَهَا وَاحِدَةٌ وَبَعْدَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ. وَاسْتُشْكِلَ فِي وَاحِدَةٍ قَبْلَ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ قَبْلَ غَيْرِهِ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ ﴿لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ وَقَوْلُ النَّبِيِّ «خَلِّلُوا أَصَابِعَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا نَارُ جَهَنَّمَ» وَأُجِيبُ بِأَنَّ اللَّفْظَ أَشْعَرَ بِالْوُقُوعِ وَكَوْنُ الشَّيْءِ قَبْلَ غَيْرِهِ يَقْتَضِي وُجُودَ ذَلِكَ الْغَيْرِ ظَاهِرًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَدْعِهِ لَا مَحَالَةَ، وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَدَخَلَتْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا ثِنْتَانِ) وَلَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ. لَهُمَا أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ: أَيْ لِجَمْعِ الْمُتَعَاطِفَاتِ مِمَّا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِلًا كَجَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو

<<  <  ج: ص:  >  >>