للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْقِرَانَ وَالتَّرْتِيبَ، فَعَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِ تَقَعُ ثِنْتَانِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الثَّانِي لَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا إذَا نَجَّزَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ فَلَا يَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِالشَّكِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ لِأَنَّهُ مُغَيِّرٌ صَدْرَ الْكَلَامِ

أَوْ لَا كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ جَاءُوا مُطْلَقًا: أَيْ بِلَا قَيْدِ مَعِيَّةٍ أَوْ تَرَتُّبٍ بَلْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ يَصْدُقُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالْوَاحِدَةِ فِي التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ فَصَارَ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ، وَكَمَا إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَهَذَا التَّفْرِيقُ اللَّفْظِيُّ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي حَالِ التَّكَلُّمِ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ لَا فِي حَالِ التَّطْلِيقِ تَنْجِيزًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً لِأَنَّهُ فِي حَالِ الْإِيقَاعِ وَلَا مُوجِبَ لِتَوَقُّفِ الْأَوَّلِ فَيَقَعُ، أَمَّا هُنَا فَيَتَوَقَّفُ فَيَتَعَلَّقُ الْكُلُّ دَفْعَةً ثُمَّ يَنْزِلْنَ كَذَلِكَ فَيَقَعُ الْكُلُّ، وَلَوْ سَلِمَ التَّعَاقُبُ فِي التَّعْلِيقِ فَالْمُتَعَلِّقَاتُ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ عَلَى التَّعَاقُبِ تَنْزِلُ جُمْلَةً عِنْدَ وُجُودِهِ كَمَا لَوْ حَصَلَ بِأَيْمَانٍ تَتَخَلَّلُهَا أَزْمِنَةٌ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ بَعْدَ زَمَانٍ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ يَقَعُ الْكُلُّ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَا إذَا نَصَّ عَلَى الثَّلَاثِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلصُّورَةِ وَكَذَا فَيَتَعَلَّقْنَ وَيَقَعْنَ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُطْلَقَ) الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَاوِ يَحْتَمِلُ عِنْدَ وُقُوعِ الْوَاوِ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يُرَادَ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي ضِمْنِ الْقِرَانِ أَوْ التَّرْتِيبِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْخَاصِّ الْأَعَمُّ إلَّا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي ضِمْنِ أَحَدِ أَخِصَّائِهِ، وَعَلَى الِاعْتِبَارِ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُرَادَ الْجَمْعُ بِوَصْفِ التَّرْتِيبِ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً. كَمَا إذَا نَجَّزَ الثَّلَاثَ بِالْوَاوِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَقَعُ وَاحِدَةً لِمُلَاحَظَةِ هَذَا الِاعْتِبَارِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ، فَهَكَذَا هَذَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ أُخْرَى وَبَعْدَهَا أُخْرَى وَيَفُوتُ الْمَحَلُّ بِالْأُولَى، وَعَلَى اعْتِبَارِ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ يَنْزِلُ الْكُلُّ وَلَا تَتَعَيَّنُ لِأَحَدِ الْجَائِزَيْنِ

وَنُزُولُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَتَنْزِلُ وَاحِدَةٌ وَلَا يَنْزِلُ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ. وَتَقْرِيرُ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَعَلَّقَ قَبْلَ الثَّانِي لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ تَوَقُّفَهُ، وَتَعَلَّقَ الثَّانِي بِوَاسِطَتِهِ وَالثَّالِثُ بِوَاسِطَتِهِمَا فَيَنْزِلُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ التَّعَلُّقُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ تَكْرَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الثَّانِي بِغَيْرِ شَرْطِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِوَاسِطَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَتَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ الْوَاحِدِ طَلْقَاتٌ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ فَيَنْزِلْنَ جَمِيعًا عِنْدَ الشَّرْطِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ لِأَنَّ تَأَخُّرَ الشَّرْطِ مُوجِبٌ لِتَوَقُّفِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُغَيِّرٌ فَتَعَلَّقَ الْكُلُّ فِيهِ دَفْعَةً فَيَنْزِلُ دَفْعَةً.

وَنُقِضَ بِمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ فَدَخَلَتْ يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَلَوْ نَجَّزَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَعَ وَاحِدَةً. وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَا بَلْ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِإِقَامَةِ الثَّانِي بَدَلَ الْأَوَّلِ. وَلَا يُمْكِنُ فِي الطَّلَاقِ فَيَتَعَلَّقُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُ الثَّانِي لِبَقَاءِ مَحَلِّ التَّعْلِيقِ بَعْدَ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ فَيَتَعَلَّقُ بِلَا وَاسِطَةٍ كَأَنَّهُ أَعَادَ الشَّرْطَ لِتَعْلِيقِ ثِنْتَيْنِ وَجَعَلَهُ يَمِينَيْنِ، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الْكُلُّ جُمْلَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا نَجَّزَ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى فَلَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لِإِيقَاعِ الثِّنْتَيْنِ وَقَوْلُهُمَا أَرْجَحُ.

وَقَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الثَّانِي بِوَاسِطَةِ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ، إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ عِلَّةُ تَعَلُّقِهِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ عِلَّتُهُ جَمْعُ الْوَاوِ إيَّاهُ إلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ أُرِيدَ كَوْنُهُ سَابِقَ التَّعَلُّقِ سَلَّمْنَاهُ، وَلَا يُفِيدُ كَالْأَيْمَانِ الْمُتَعَاقِبَةِ؛ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْأَوَّلِ عِلَّةٌ لِتَعَلُّقِ الثَّانِي لَمْ يَلْزَمْ كَوْنُ نُزُولِهِ عِلَّةً لِنُزُولِهِ إذْ لَا تَلَازُمَ فَجَازَ كَوْنُهُ عِلَّةً لِتَعَلُّقِهِ فَيَتَقَدَّمُ فِي التَّعَلُّقِ، وَلَيْسَ نُزُولُهُ عِلَّةً لِنُزُولِهِ، بَلْ إذَا تَعَلَّقَ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>