للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ فَيَقَعْنَ جُمْلَةً وَلَا مُغَيِّرَ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ. وَلَوْ عَطَفَ بِحَرْفِ الْفَاءِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ صَارَ مَعَ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقَيْنِ بِشَرْطٍ، وَعِنْدَ نُزُولِ الشَّرْطِ يَنْزِلُ الْمَشْرُوطُ. وَتَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ أَقْرَبُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْأَيْمَانِ. فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي تَعَلُّقِ الْكُلِّ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ الْمَعِيَّةِ أَوْ التَّرْتِيبِ فَيَجِبُ أَنْ تَنْزِلَ كُلُّهَا عِنْدَ الشَّرْطِ كَالْأَيْمَانِ الْمُتَعَاقِبَةِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ. قُلْنَا: التَّرْتِيبُ الَّذِي يُرَادُ بِالْوَاوِ يَقْتَضِي كَمَا قَرَرْنَاهُ أَنَّ وُقُوعَ كُلِّ مُتَقَدِّمِ جُزْءٍ شَرْطُ وُقُوعِ الْمُتَأَخِّرِ؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ: إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا أُخْرَى وَتَلِيهَا أُخْرَى فَلَا يَقَعُ مُتَأَخِّرٌ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْمُتَقَدِّمِ فَصَارَ الدُّخُولُ شَرْطَ كُلِّ مُتَأَخِّرٍ، بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ الَّذِي اتَّفَقَ فِي الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الشَّرْطُ فِي الْكُلِّ إلَّا شَرْطَ الْأَوَّلِ فَقَطْ، فَإِذَا وُجِدَ الدُّخُولُ مَثَلًا فَقَدْ وُجِدَ تَمَامُ شَرْطِ كُلِّ مُعَلَّقٍ مِنْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ وَسَقَطَ الظِّهَارُ عِنْدَهُ وَالْإِيلَاءُ لِسَبْقِ الطَّلَاقِ فَتَبِينُ فَلَا تَبْقَى مَحَلًّا لِلظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ.

وَعِنْدَهُمَا هُوَ مُطَلِّقٌ مُظَاهِرٌ مُولٍ. وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةِ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَتَزَوَّجَهَا فَعَلَى الْخِلَافِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الظِّهَارَ وَالْإِيلَاءَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا وَقَعَ الْكُلُّ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا إشْكَالَ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِسَبْقِ الْإِيلَاءِ ثُمَّ هِيَ بَعْدَهُ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ بِحَرْفِ الْفَاءِ) فَقَالَ: أَيْ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ فَدَخَلَتْ (فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ) فَعِنْدَهُ تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهَا، وَعِنْدُهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَفِي الْمَبْسُوطِ نَقَلَهُ عَنْ الطَّحَاوِيِّ فَلْيَكُنْ عَنْهُمَا (وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ فَصَارَتْ كَثُمَّ وَبَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ الشَّرْطَ دُخُولَ الدَّارِ وَوُقُوعَ طَلْقَةٍ، وَلَا وُقُوعَ قَبْلَ مَجْمُوعِ الشَّرْطِ فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ بَعْدَهُمَا، وَشَرْطُ الثَّالِثَةِ الدُّخُولُ وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ فَيَقَعُ بَعْدَهُمَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَرَّرْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا أُخْرَى، وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ وَأَخَّرَ الشَّرْطَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت.

فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، فَعِنْدَهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ ثِنْتَانِ وَتَتَعَلَّقُ الثَّالِثَةُ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهَا لِلتَّرَاخِي، وَكَمَالُهُ بِاعْتِبَارِهِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ فَصَلَ بِسُكُوتٍ، وَلَوْ سَكَتَ وَقَعَ الْأَوَّلُ وَلَا يَتَوَقَّفُ لِيَتَعَلَّقَ فَكَذَا هُنَا. وَإِذَا وَقَعَ الْأَوَّلُ بَقِيَتْ مَحَلًّا فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ وَتَتَعَلَّقُ الثَّالِثَةُ بِدُخُولِهَا الدَّارَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو الثَّانِي لِانْتِفَاءِ مَحَلِّيَّتِهَا، وَإِنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَوَقَعَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>