(وَلَوْ قَالَتْ قَدْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُوجِبُ الِانْطِلَاقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَأَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهَا الِاخْتِيَارَ لَكِنْ بِتَطْلِيقَةٍ وَهِيَ مُعْقِبَةٌ لِلرَّجْعَةِ بِالنَّصِّ.
بِمَالٍ لَزِمَ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) وَهُوَ سَهْوٌ بَلْ بَائِنٌ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْأَوْضَحِ وَشُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ وَعَامَّةِ الْجَوَامِعِ سِوَى جَامِعِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ فِيهِ مَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَاقِعَ بِالتَّخْيِيرِ بَائِنٌ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَمْلِيكُ النَّفْسِ مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الرَّجْعِيِّ مِلْكُهَا نَفْسَهَا وَإِيقَاعُهَا وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ، لَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ الْوُقُوعُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَوَّضَ بِهِ إلَيْهَا، وَالصَّرِيحُ لَا يُنَافِي الْبَيْنُونَةَ كَمَا فِي تَسْمِيَةِ الْمَالِ فَيَقَعُ بِهِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا مَا مُلِّكَتْ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ فَأَوْقَعَتْ الرَّجْعِيَّ أَوْ بِالْعَكْسِ وَقَعَ مَا أَمَرَهَا بِهِ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اخْتَرْت وَطَلَّقْت حَيْثُ يَصِحُّ طَلَّقْت جَوَابًا لِاخْتَارِي حَتَّى تَقَعَ بِهِ الْبَائِنَةُ وَاخْتَرْت لَا يَصْلُحُ جَوَابَ طَلِّقِي نَفْسَك حَتَّى لَا يَقَعَ بِهِ شَيْءٌ إلَّا عِنْدَ زُفَرَ.
وَسَنَذْكُرُ جَوَابَهُ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِتَطْلِيقَةٍ) قِيلَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ هَذَا كَقَوْلِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِاخْتَرْتُ جَوَابًا لِطَلِّقِي نَفْسَك. أُجِيبُ بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ لَمَّا فَسَّرَ الْأَوَّلَ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمُفَسَّرَ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْيَدِ وَالتَّخْيِيرُ، وَقَوْلُهَا: اخْتَرْت يَصْلُحُ جَوَابًا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute