للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى الطَّحَاوِيِّ فِي إبَاحَتِهِ

(وَلَيْسَ لَهُمْ مَسُّ الْمُصْحَفِ إلَّا بِغِلَافِهِ، وَلَا أَخْذُ دِرْهَمٍ فِيهِ سُورَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا بِصُرَّتِهِ وَكَذَا الْمُحْدِثُ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إلَّا بِغِلَافِهِ) لِقَوْلِهِ «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» ثُمَّ الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ حَلَّا الْيَدَ فَيَسْتَوِيَانِ فِي حُكْمِ الْمَسِّ وَالْجَنَابَةُ حَلَّتْ الْفَمُ دُونَ الْحَدَثِ فَيَفْتَرِقَانِ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.

وَفِي سُنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ عَلِيٍّ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَحْجُبُهُ، أَوْ قَالَ لَا يَحْجِزُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَكَانَ قَدْ كَبِرَ وَأُنْكِرَ عَقْلُهُ وَحَدِيثُهُ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا بَعْدَ كِبَرِهِ قَالَهُ شُعْبَةُ، لَكِنْ قَدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: وَلَمْ يَحْتَجَّا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ وَمَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ،

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ لِلْجُنُبِ، وَقَالَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى الطَّحَاوِيِّ فِي إبَاحَتِهِ مَا دُونَ آيَةٍ) ذَكَرَ نَجْمُ الدِّينِ الزَّاهِدُ أَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْآيَةِ لَا يُعَدُّ بِهَا قَارِئًا، قَالَ تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ كَمَا قَالَ «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ» فَكَمَا لَا يُعَدُّ قَارِئًا بِمَا دُونَ الْآيَةِ حَتَّى لَا تَصِحَّ بِهَا الصَّلَاةُ كَذَا لَا يُعَدُّ بِهَا قَارِئًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ، وَقَالُوا: إذَا حَاضَتْ الْمُعَلِّمَةُ تُعَلِّمُ كَلِمَةً كَلِمَةً وَتَقْطَعُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ نِصْفُ آيَةٍ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي عَدِّ حُرُمَاتِ الْحَيْضِ وَحُرْمَةِ الْقُرْآنِ إلَّا إذَا كَانَتْ آيَةً قَصِيرَةً تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ نَظَرَ وَلَمْ يُولَدْ أَمَّا قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ نَحْوَ (بِسْمِ اللَّهِ) وَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إنْ كَانَتْ قَاصِدَةً قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَاصِدَةً شُكْرَ النِّعْمَةِ وَالثَّنَاءِ لَا يُكْرَهُ، وَلَا يُكْرَهُ التَّهَجِّي وَقِرَاءَةُ الْقُنُوتِ انْتَهَى وَغَيْرُهُ لَمْ يُقَيَّدْ عِنْدَ قَصْدِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ بِمَا دُونَ الْآيَةِ، فَصَرَّحَ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى وَجْهِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: لَا يَنْبَغِي لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامُ اللَّهِ، وَيُكْرَهُ لَهُمَا قِرَاءَةُ دُعَاءِ الْوَتْرِ لِأَنَّ أُبَيًّا يَجْعَلُهُ مِنْ الْقُرْآنِ سُورَتَيْنِ: مِنْ أَوَّلِهِ إلَى اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ سُورَةً، وَمِنْ هُنَا إلَى آخِرِهِ أُخْرَى، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُكْرَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الذِّكْرِ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَذَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَذَانِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّ الْوُضُوءَ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ

(قَوْلُهُ لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ) هُوَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ إلَى الْيَمَنِ، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْجَنَابَةُ حَلَّتْ الْيَدَ إلَخْ) يُفِيدُ جَوَازُ نَظَرِ الْجُنُبِ لِلْقُرْآنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ الْعَيْنُ وَلِذَا لَا يَجِبُ غَسْلُهَا، وَأَمَّا مَسُّ مَا فِيهِ ذِكْرٌ فَأَطْلَقَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>