وَغِلَافُهُ مَا يَكُونُ مُتَجَافِيًا عَنْهُ دُونَ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ كَالْجِلْدِ الْمُشْرَزِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَيُكْرَهُ مَسُّهُ بِالْكُمِّ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ بِخِلَافِ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ لِأَهْلِهَا حَيْثُ يُرَخَّصُ فِي مَسِّهَا بِالْكُمِّ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةٌ، وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ تَضْيِيعَ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ حَرَجًا بِهِمْ
وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَغِلَافُهُ مَا يَكُونُ مُتَجَافِيًا عَنْهُ) أَيْ مُنْفَصِلًا وَهُوَ الْخَرِيطَةُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ الْجِلْدُ أَوْ الْكُمُّ لِأَنَّ الْجِلْدَ الْمُلْصَقَ تَابِعٌ لَهُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَمْسُهُ حُكْمُ مَسِّهِ وَالْكُمُّ تَابِعٌ لِلْمَاسِّ فَالْمَسُّ بِهِ كَالْمَسِّ بِيَدِهِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يُكْرَهُ مَسُّهُ بِالْكُمِّ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يَمَسَّا الْمُصْحَفَ بِكُمِّهِمَا أَوْ بِبَعْضِ ثِيَابِهِمَا لِأَنَّ الثِّيَابَ بِمَنْزِلَةِ يَدَيْهِمَا، أَلَا تَرَى لَوْ قَامَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ فَرَشَ نَعْلَيْهِ أَوْ جَوْرَبَيْهِ وَقَامَ عَلَيْهِمَا جَازَتْ، وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمَكْرُوهُ مِنْ الْكِتَابَةِ لَا مَوْضِعَ الْبَيَاضِ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ يُكْرَهُ كِتَابَةُ كِتَابٍ فِيهِ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ يُكْتَبُ بِالْقَلَمِ وَهُوَ فِي يَدِهِ.
وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ لَا يُكْتَبُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّحِيفَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ مَا دُونَ الْآيَةِ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ إذَا كَانَتْ الصَّحِيفَةُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقِيلَ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ أَقْيَسُ، لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ مَسُّهَا بِالْقَلَمِ وَهُوَ وَاسِطَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَكَانَ كَثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمَسُّهُ بِيَدِهِ. وَقَالَ لِي بَعْضُ الْإِخْوَانِ: هَلْ يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِمِنْدِيلٍ هُوَ لَابِسُهُ عَلَى عُنُقِهِ؟ قُلْت: لَا أَعْلَمُ فِيهِ مَنْقُولًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِطَرَفِهِ وَهُوَ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِاعْتِبَارِهِمْ إيَّاهُ فِي الْأَوَّلِ تَابِعًا لَهُ كَبَدَنِهِ دُونَ الثَّانِي، قَالُوا فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عِمَامَةً بِطَرَفِهَا نَجَاسَةً مَانِعَةً: إنْ كَانَ أَلْقَاهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ لَا يَجُوزُ، وَإِلَّا يَجُوزُ اعْتِبَارًا لَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. [فُرُوعٌ]
تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالْمَحَارِيبِ وَالْجُدْرَانِ وَمَا يُفْرَشُ، وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بَأْس فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَانَتْ رُقْيَةٌ فِي غِلَافٍ مُتَجَافٍ عَنْهُ لَمْ يُكْرَهْ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ وَالِاحْتِرَازُ عَنْ مِثْلِهِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ حَيْثُ يُرَخَّصُ فِي مَسِّهَا بِالْكُمِّ) يَقْتَضِي أَنَّهُ يُرَخَّصُ بِلَا كُمٍّ، قَالُوا يُكْرَهُ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَمْنَعُ مِنْ شُرُوحِ النَّحْوِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ) وَاللَّوْحِ وَإِنْ كَانُوا مُحْدِثِينَ لَا يَأْثَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute